للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفي العَجَمِ إسْلَاماً، فَذُو أبَوَيْنِ في الإِسْلَامِ كُفُؤٌ لِذِي آباءٍ فِيهِ،

===

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «العَرَبُ بعضُهم أكفاءٌ لبعضٍ، والموالي بعضُهم أكفاءٌ لبعض»، وسكت عنه، وقال عبد الحق: إن ابن مَعْدان لا يسمع عن معاذ.

وقال بعض المحققين: وبالجملة فللحديث أصلٌ، فإذا ثبت اعتبارُ الكفاءة بما قدمناه، يمكن ثبوتُ تفصيلها أيضاً بالنظر إلى عرف الناس فيما يَحْقِرُونه ويُعَيَّرون به، فَيُستأنس بالحديث الضعيف في ذلك، خصوصاً وبعض طرقه ـ كحديث بقية ـ ليس من الضعيف بذلك، فقد كان شُعْبَةُ معظِّماً لبَقِيَّة، وناهيك باحتياط شُعبة، وأيضاً تعدُّدُ طرق الحديث يرفعه إلى الحسن.

(وَفي العَجَمِ) عطف على مقدَّر فيما سبق، أي: وتُعتبر الكفاءة في نكاح العرب نسباً وفي نكاح العجم (إسْلَاماً) لأنّ به تفاخُرَهم لا بالنَّسَب، وظاهر المتن يدل على أن الكفاءة من حيث الإسلامُ تُعتبر في العجم، ولا تُعتبر في العرب، وعبارة بعض الكتب تَدُلّ على أنها معتبرة في العرب أيضاً، فلعل مرادَه أنّ في العجم لا يُعتبر النَّسَب لأنهم ضَيَّعوا أنسابهم، وكذا الكلام في باقي الصفات الآتية. ذكره البِرْجَنْدِي. والعبارة الأخيرة هي الصحيحة لقوله تعالى: {ولا تُنْكِحُوا المُشْرِكِينَ حتى يُؤْمِنُوا} (١) .

ولعله لم يذكر الإسلام في العرب، لأن الكلام في شروط نِكاح المسلمين، وإنما التفاوتُ بين العرب والعجم: أنّ العرب يَعتبرون النَّسب على ما سَبَقَ مِنْ وَفْقِ الحَسَبِ، والعجم يُعتبر فيهم مراتب الإسلام في تحقيق المَرَام.

والحاصل: أن العرب يُكتفَى فيهم وجود أصل الإسلام من غير مراتبه المذكورة، بخلاف الأعجام، فإنها معتبرة في (إحكام) (٢) الأحكام، ويَدُلّ عليه تَزَوُّجُهُ عليه الصلاة والسلام بنتَ أبي بكر، وتزويجُ بِنْتَيْه عثمانَ، وفاطمةَ علياً، وتَزَوَّج عمرُ أُمَّ كُلْثُوم بنتَ عليَ (من فاطمة رضي الله عنهم) (٣) .

(فَذُو أبَوَيْنِ) أي من العجم (في الإِسْلَامِ كُفُؤٌ لِذِي آباءٍ فِيهِ) لِوُجُودِ المساواة بينهما، لأن أصل النَّسَب بالأب، وتَمَامَهُ بالجَدِّ، فلا تُعتبر الزيادة، كما لا تُعتبر في


(١) سورة البقرة، الآية (٢٢١).
(٢) ما بين الحاصرتين من المخطوط.
(٣) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>