للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ذُو أبٍ كُفُؤاً لَهُمَا، وَلَا مُسْلِمَ بِنَفْسِهِ لَهُ. وَحُرِّيَّةً وهي كَالإِسْلَامِ. ودِيَانَةً فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفُؤاً لِبِنْتِ صَالِحٍ

===

تعريف الشهود (١) .

(لا ذُو أبٍ) أي ليس من له أبٌ في الإسلام (كُفُؤاً لَهُمَا) أي لِمَنْ له أبوان فيه، ذكره الشارح. والصواب: لِذِي أبوين ولِذِي آباء في الإسلام، لعدم المساواة. وقال أبو يوسف: هو كُفُوءٌ، وهذا كما قال في تعريف الشهود: إنه يَتِمُّ بذكر الأب. قيل: كان أبو يوسف إنما قال ذلك في موضع لا يُعَدُّ كُفْرُ الجَدِّ عيباً بعد أن كان الأبُ مسلماً، وهما قالاه في موضع يُعَدُّ عيباً، والدليل على ذلك أنهم قالوا جميعاً: إن كفر الأب والجَدّ ليس عيباً في حق العرب، لأنهم لا يُعَيَّرُونَ بذلك. ذكره ابن الهُمَام، وهو مُؤَيِّد لما قدمناه من الكلام.

(وَلَا مُسْلِمَ بِنَفْسِهِ لَهُ) أي وليس مسلمٌ بنفسه كُفُؤاً لذي أبٍ في الإسلام، لعدم المساواة بينهما.

(وَحُرِّيَّةً (٢) ، وهي كَالإِسْلَامِ) فيما ذكرناه من أن ذا أبوين في الحرية كُفُؤٌ لِذِي آباء فيها، وليس ذو أب فيها كُفُؤاً لذي أبوين، خلافاً لأبي يوسف، ولا حُرَّ بنفسه كُفُؤاً لِحُرَ بأبيه.

(ودِيَانَةً) أي تَقْوَى، لأنها من أعلى المفاخر، لأن المرأة تُعَيَّر بفسق زوجها ما لا تُعَيَّر بِضَعَةِ نَسَبِه.

(فَلَيْسَ فَاسِقٌ) وإن لم يَكُنْ مُعْلِناً (كُفُؤاً لِبِنْتِ صَالِحٍ) هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وكذا أحد أعوان الظَّلَمة لا يكون كُفُؤاً لامرأة من أهل البيوتات، إلا أن يكون مَهِيباً في الناس. وعن أبي يوسف: إذا لم يُعْلِن الفاسقُ بفسقه يكون كُفُؤاً لبنت الصالح، وهو قريبٌ من قول محمد: أنّ الفاسق كُفُؤٌ لبنت الصالح، إلا إذا كان مُسْتَخَفًّا به، كأن يَخرُج سكرانَ، ويَلعبَ به الصبيانُ.

وفي «المحيط»: الفتوى على قول محمد، لأنّ التقوى من أمور الآخرة، ولا يَفُوتُ النِّكاح بفواتها.


(١) إن تعريف الشهود يتمّ بذكر الأب والجدّ، ولا عبرة بالزيادة على ذلك بأن يذكر أبَ الجَدّ، وجَدَّ الجَدِّ … الخ. وهذا قول الطَّرَفين - أبي حنيفة ومحمد -، وقال أبو يوسف: يتم تعريف الشهود بذكر الأب. وسيأتي تفصيل ذلك بعد قليل.
(٢) عطف على قوله متنًا: (إسلامًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>