للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

عنِّي فتزوجتُها. فقال: خُذْ بِيَدِ امرأتك.

وقد روى البخاريّ أن عبد الرحمن بنَ عَوْفٍ قال لأُمِّ حَكيم ابنة قَارِظ (١) أَتَجْعَلِينَ أَمركِ إِليَّ؟ قالت: نعم، قال: تَزَوَّجْتُكِ. فعقده بلفظ واحد.

وروى أبو داود عن عُقْبَة بن عامر أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «أَتَرْضَى أنْ أُزَوِّجَكَ فلانة»؟ قال: نعم، وقال للمرأة: «أَتَرْضَيْنَ أن أزوِّجَكِ فلاناً»؟ قالت: نعم، فزوَّج أحدَهما صاحِبَه، وكان ممن شَهِد الحُدَيْبِيَة.

قَيَّدَ بغير الفُضُولي لأن الفُضُوليَّ لا يتولَّى طَرَفَي النكاح عند أبي حنيفة ومحمد، سواءٌ كان فضولياً من الجانبين، أو فضولياً من جانبٍ، وأصيلاً، أو ولياً، أو وكيلاً من جانب، وأما إذا كان العقد بفُضُولِيَّيْنِ، فجائز عندنا، ويكون موقوفاً كما مَرّ، بخلاف عقد الفُضُوليِّ الواحد ولو بلفظَين، على ما ذكره بعض المحققين.

وكذا التزوج بغائبة لم يَقْبَل عنها أحدٌ، غير صحيح لأن النكاح عقدُ معاوضة محتمِلٌ للفسخ، فكلام الواحد فيه يكون شطرَ العقد، وشطرُه لا يتوقَّف على ما وراء المجلس كما في البيع، بخلاف الطلاق والإعتاق بكذا، فإنه لا يَحتمل الفسخَ بعد وقوعه أصلاً.

وقال أبو يوسف في قوله الأخير: يتولّى الفُضُوليُّ طَرَفَي النكاح ويكون موقوفاً. ولو قالت امرأة لرجل: زَوِّجني، أو قالت: زَوِّجني من رجل، فزوَّجها من نفسه، فالنكاح باطلٌ عند أبي حنيفة ومحمد، لأنه فُضُوليٌّ من جانبها، لأنه صار بالخطاب معرفة (٢) ، فلا يدخل تحت النكرة.

والحاصل: أنه يجوز النكاح عندنا وعند مالك بفُضُوليَ وأصيلٍ موقوفاً على إجازة من له تنفيذُه، وأبطله الشافعي بناءً على أصله: أن العقود لا تتوقف على الإجازة. وعندنا تتوقف، وهي مسألةٌ معروفة وقد ذُكِرت في أول البيوع. والله تعالى أعلم.


(١) حرفت في المخطوط إلى: قارض، والصواب ما أثبتناه.
(٢) أي لأن لفظ "رجل" صار معرفة بالخطاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>