للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَهْرُ المِثْلِ بَعْدَهَا.

===

المحسن على المتطوِّع، بل هو أعمُّ منه، ومن القائم بالواجبات أيضاً، فلا ينافي الوجوب، فلا يكون صارفاً للأمر عنه مع ما انضم إليه من لفظ «على» و «حقاً».

والمُتْعَةُ: دِرْعٌ (١) وخِمَارٌ ومِلْحَفَةٌ. وهذا التقدير مرويّ عن عائشة، ورواه البيهقي عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن المُسَيَّبِ، والحسن، وعطاء، والشَّعْبِي. وقال مالك في «الموطأ»: ليس للمُتْعَة حدٌ معروفٌ. وقال أحمد: أعلى المُتْعَة خادمٌ ـ أي مملوك ـ وأدناها كِسْوَةٌ يجوز لها أن تصلي فيها. قال الكَرْخَيّ: ويعتبر في المُتْعَة المستحبّة حال الرجل، وفي الواجبات حال الزوجة. لأنها قائمة مقام مهر المِثْل، وفيه يعتبر حاله، فكذا في خَلَفِه.

وفي «الهداية»: الصحيح أنه يعتبر حال الزوج عملاً بالنص، وهو قوله تعالى: {عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وعَلَى المقْتِرِ قَدَرُهُ} (٢) وهو اختيار أبي بكر الرَّازي. وفي «البَدَائِع» قيل: يعتبر حالهما كالنفقة.

قيَّدنا وجوب المُتْعَةِ بحصول الفُرْقَةِ من جهة الزوج، لأن الفُرْقة إذا حصلت من جهة المرأة كرِدَّتها، وتقبيلها ابن الزوج بشهوة، ورضاعها زوجته الصَّغيرة، وخيارها الفسخ بالبلوغ والإِعتاق، لا يُوجِب المتْعَة.

(و) يجب (مَهْرُ المِثْلِ بَعْدَهَا) أي بعد الخَلْوَة الصحيحة، لأنه يجب هنا بعد الوطاء وهي بمنزلته. والأصح من قولي الشافعي (ومالك:) (٣) إِنه يجب مهر المِثْلِ بالوطاء إن لم يسمِّ في العقد مهراً، وكذا بعد موت أحدهما. ونفاه مالك والشافعي، لأن المهر خالص حقها فيتمكن من نفيه ابتداءً، كما يتمكن من نفيه انتهاءً. ولأن عمر وعلياً وزيداً قالوا في المُفَوضَة (٤) : حسبها.

ولنا ما روى أصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي: حسن صحيح، من حديث عَلْقَمَة قال: سُئِلَ ابن مسعود عن رجلٍ تزوَّج امرأة ولم يفرض لها صَدَاقاً، ولم يدخل بها حتى مات فقال ابن مسعود: لها مثل صَداق نسائها، لا وَكْسَ ولا شَطَط. أي لا


(١) الدِّرْعُ: قميص المرأة أو ثوب صغير تلبسه الجارية في البيت. المعجم الوسيط ص ٢٨٠، مادة (درع).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٢٣٦).
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.
(٤) المُفَوَّضة: هي التي فوَّض الشرع أمر المهر إليها في إثباته إسقاطه. المصباح المنير ص ٣٨٤، مادة (فوض).

<<  <  ج: ص:  >  >>