للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونِصْفُهُ بِطَلَاقٍ قَبْلَهَا، وإنْ لَمْ يُسَمِّ فالمُتْعَةُ قَبْلَهَا

===

للاستمتاع لا للإيلاج، وقد سَلَّمَتْ نفسها لذلك، فيستحق كل البَدَل هنالك. وإليه أشار عمر رضي الله عنه بقوله: ما دونهن إذا جاء العَجْزُ من قِبَلِكُمْ.

(ونِصْفُهُ) أي ويجب نصف المُسَمَّى (بِطَلَاقٍ قَبْلَهَا) أي قبل الخَلْوَة الصحيحة، لأنها بمنزلة الوطاء، وقد قال الله تعالى: {وإنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ} (١) أي المطلقات، بأن لا يأخذن شيئًا {أوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}

أي الزوج، بأن يعطي الجميع. ولم يُجَوِّزْ علماؤنا والشافعيّ عفو ولي الصغيرة أو المجنونة إسقاطاً، وأجازه مالك.

وهذا راجع إلى الاختلاف في تفسير: {الذي بيده عقدة النكاح}: فعنده هو الأب، وجمهور المفسِّرين قالوا: ـ الذي بيده عقدة النكاح ـ هو الزوج، لأنه إن شاء أمسكها، وإنْ شاء فارقها. ومعنى العَفْو تكملة الصَّداق بها، ويؤيده قوله تعالى: {ولا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (٢) .

ثم لا مُتْعَة للمطلَّقة قبل الدخول وجوباً ولا استحباباً، على ما ذكره القُدُوريّ في «مختصره» من أنّ المتْعَةَ مستحبةٌ لكلِّ مطلَّقة إلاَّ لمطلَّقة واحدة، وهي التي طلَّقها قبل الدخول وقد سَمَّى لها مهراً. وفي بعض النُّسَخ: ولم يُسمِّ لها مهراً. ومن حكم باستحبابها كصاحب «المَبْسُوطِ»، و «المُحِيطِ»، و «المختلف» أرادوا أنه الإِحسان إلى من عجزت عن التَّكسب، وذا مندوب.

(وإنْ لَمْ يُسَمِّ) المهر حال العقد، أو نفاه (فالمُتْعَةُ) واجبة. أو فيجب المُتْعَة إذا حصلت الفُرْقة من قِبَل الزوج (قَبْلَهَا) أي قبل الخَلْوَة الصحيحة، وبه قال الشافعي، لقوله تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمسُّوهُنَّ أوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} (٣) فقد أوجب الله المُتْعَة في نكاح ليس فيه فَرْضٌ، وقد وقع الطَّلاق قبل المَسِّ.

وقال مالك: هي مستحبةٌ لقوله تعالى عَقِيبَ الأمر: {حَقًّا عَلَى المُحْسِنِينَ} (٤) وهم المتطوِّعون. فيكون صارفاً للأمر المذكور إلى النَّدْب. قلنا: لا نِسَلِّمُ قصر


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٣٧).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٢٣٧).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٣٦).
(٤) سورة البقرة، الآية: (٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>