للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَيْضٍ ونِفَاسٍ، بِخِلَافِ الجَبِّ والعُنَّةِ والخِصَاءِ

===

نفلٍ، أو بعُمْرَةٍ، لأن إفساد الإحرام موجب للمضيّ فيه، وللقضاء، والدَّم. وهذه الثلاثة نظير المانع الشَّرْعيّ.

(وحَيْضٍ ونِفَاسٍ) نظيران للمانع الطَبْعِيّ، وفيهما أيضاً المانع الشرعيّ. ولو خلا بها، ومعهما أعمى، أو نائم، أو صبيّ يعقل، لا تكون خَلْوَة. لأنَّ الأعمى يَحُسُّ، والنائم يستيقظ ويتناوم. ولو كان معهما صغير لا يعقل، أو مجنون، أو مُغْمَى عليه، فهي خَلْوَةٌ. وقيل: الجنون والإغماء يمنعان. أي لحصول الحياء، أو لاحتمال إفاقتهما في الأثناء. وفي «جوامع الفقه»: جاريتها تمنع صحة الخَلْوَة، وجاريته ليست بمانعة، أي لعدم حيائه منها، وكذا حكم الكلب.

وروى هِشَام عن محمَّد: إنْ خلا بها في بُسْتَانٍ ليس عليه باب، لم تصحَّ الخَلْوَة. ولو خلا بها في السطْحِ، إن كان عليه حِجَابٌ فهو خَلْوَةٌ. ولو خلا بها في قُبَّةٍ، وأرخى السِّتْرَ بينه وبين من في البيت، فهو خَلْوَةٌ. ولو رَدَّتْ أمُّها الباب، ولم تغلقه، وهما في خانٍ (١) ، والناس قعود في ساحته، إن كانوا متَرَصِّدين لهما في النظر، لا تصحّ الخَلْوَة وإلاَّ تصحُّ.

وفي «الذَّخِيرَة»: أَنَّ أصحابنا أقاموا الخَلْوَة الصحيحة مقام الوطاء في تأكيد جميع المُسَمَّى، ومهر المِثْل إنْ لم يكن مُسَمَّى، وفي ثبوت النَّسَب، وفي وجوب العِدَّةِ والنَّفَقَةِ والسُكْنَى فيها، وفي حُرْمة نكاح أختها، ونكاح رابعة ما دامت العِدَّة، وفي حُرْمة نكاح الأمةِ على الحُّرَة، وفي العِدَّة عن طلاقٍ بائنٍ، وفي مراعاة وقت الطلاق في حقها. ولم يقيموها مقام الوطاء في الإِحْصَان، وفي حُرْمة البنات، حتى لا تَحْرُمُ البنت على رجل عقد على أمها وخلا بها، وفي الإحلال للزوج الأوَّل، وفي الرَّجْعَة، حتى لا يصير مُرَاجِعاً بالخَلْوَة، وفي الميراث، حتى لو مات في عِدَّة الخَلْوَة لا ترث منه. ولو أوقع الطلاق في عِدّة الخَلْوَة، فقيل: لا يقع. وقيل: يقع، وهو الصواب. لأنَّ الأحكام لَمَّا اختلفت في هذا الباب، وجب القول بالوقوع احتياطاً.

(بِخِلَافِ الجَبِّ) وهو قطع الذَّكر والأُنْثَيَيْنِ، فإنَّه ليس بمانع من صحة الخَلْوة عند أبي حنيفة (وَ) بخلاف (العُنَّةِ) وهو كون الرجل لا يقدر على الجِمَاع، أو على جِمَاع البِكْرِ، أو على جِمَاع امرأةٍ معينةٍ. (و) بخلاف (الخِصَاء) وهو قطع الأُنْثَيَيْنِ. وقال أبو يوسف ومحمد: الجَبُّ مانع كالمرض. ولأبي حنيفة إن تزوَّج المَجْبُوبُ


(١) الخان: الفُنْدُق والحانوت والمَتْجَر. المعجم الوسيط ص ٢٦٣، مادة (خان).

<<  <  ج: ص:  >  >>