للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالمُسَمَّى عِنْدَ مَوْتِ أحَدِهِمَا، أوْ عِنْدَ خَلْوَةٍ صَحَّتْ، وهي: أَنْ لا يوجَدَ مَانِعُ وَطئٍ حِسًا أو شَرْعاً أوْ طَبْعاً، كَمَرَضٍ يَمْنَعُهُ، وصَوْمِ رَمَضَانَ، وصَلَاةِ فَرْضٍ وإحْرَامٍ،

===

(فَالمُسَمَّى) واجب، أي فيجب المسمى (عِنْدَ مَوْتِ أحَدِهِمَا) لأن النكاح يُعْقَد للأبد، وبموت أحدهما تقرَّر ذلك.

(أوْ عِنْدَ خَلْوَةٍ صَحَّتْ) قال ابن المُنْذِر: هو قول عمر، وعليَ، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، وجابر، ومعاذ، وقول الشافعي في القديم، وقال في الجديد ـ وهو قول مالك ـ: يجب على الزوج إذا طَلَّق بعد الخَلْوَة من غير وَطاءٍ نصفُ المُسَمَّى، لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ}. (١) … الآيةَ.

ولنا قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُم إلى بَعْضٍ} (٢) ، وحقيقةُ الإفْضَاءِ الدخولُ في الفضاء، وهو المكان الخَالِي، والمَسُّ ليس بوَطاءٍ حقيقةً، وإنما حَمَلاه على الوَطْاء لأنه سببه، فأطلق اسم السبب على المُسَبَّب، وحملناه على الخلوة، لأنه لا يمس امرأةً عادة إلا في الخَلوة الصحيحة، فكان إطلاق اسم المَلْزُوم على اللازم، والمُسَبَّب على السبب، إذِ الخلوةُ الصحيحةُ سببُ المَسِّ ظاهراً.

وما ذكرنا أولى لتَأَيُّدِهِ بالنص، وبما روى مالك في «الموطأ» عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المُسَيَّب: أن عمر بن الخطاب قَضَى في المرأة إذا تَزَوَّجها الرجلُ، أنه إذا أُرْخِيَتِ السُّتُورُ، فقد وَجَبَ الصَّدَاقُ. وبقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ كَشَفَ خِمَار امرأته، أو نظر إليها، وَجَبَ الصَّداقُ، دَخَل بها أو لم يدخل». رواه الدَّارَقُطْنِيّ والشيخ أبو بكر الرَّازِي في «أحكامه»، وبالإجماع فقد حكى الطَّحَاويّ إجماعَ الصحابة في هذه المسألة.

(وهي) أي الخلوة الصحيحة (أَنْ لا يُوجَدَ مَانِعُ وَطاءٍ حِساً أو شَرْعاً أوْ طَبْعاً) لأنَّها قائمة مقام الوَطْاء، فلا بُدّ من عدم المانع منه. (كَمَرَضٍ يَمْنَعُهُ) أي الوطاء بأنْ يكون الرجل مريضاً، أو تكون المرأة مريضةً مرضاً يضر بالزوج إذا وَطئَهَا. وهذا نظير المانع الحسيّ (وصَوْمِ رَمَضَانَ) لأنّ الوطاء فيه موجب للقضاء والكفارة. وقَيَّد به، لأن صوم التطوع، والنَّذْر، والقضاء، والكفارة لا يمنع صحة الخَلْوَة على الصحيح.

(وصَلَاةِ فَرْضٍ) لأنَّ إفسادها موجب للقضاء في الدنيا، والعقاب في العُقْبَى. وقيَّد بالفرض، لأن النافلة والواجبة لا تمنع صحة الخَلْوَة. (وإحْرَامٍ) بحج فرضٍ، أو


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٣٧).
(٢) سورة النساء، الآية: (٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>