للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ كَمَا مَرَّ، أوْ صِفَتِهِ، فالوَسَطُ أوْ قِيمَتُهُ. وَلَوْ كَانَ بِخِدْمَةِ الزَّوْجِ العَبْدِ، تَجِبُ هِيَ،

===

تقع على الخيل، والبغال، والحمير، ونحوها.

(ويَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ) في هذه الصُّور كلها (كَمَا مَرَّ) في قوله: وإن لم يُسَمِّ بعد الخَلْوَة (أوْ صِفَتِهِ) عطف على جنسه أي بمجهول صفته دون جنسه. كأنْ تزوَّجها على عبدٍ، أو فرسٍ، أو ثوبٍ هرويٍّ (١) ، أو مكيلٍ، أو موزونٍ، غير الدراهم والدنانير مما عُلم جنسه دون صفته.

(فالوَسَطُ) واجب، أو فيجب الوَسَط من ذلك المسمَّى، لأنَّ فيه عدلاً للرجل والمرأة، (أوْ قِيمَتُهُ) أي قيمة الوَسَط وتُجْبَرُ المرأة على قَبُول أيهما دفع الزَّوج، لأنَّ الوسط أصل تسميته، وهو لا يُعْرَف إلاَّ بالقيمة، فصارت أصلاً إيفاءً. ولو بالغ في وصف الثوب، يجب الوَسَط أو قيمته في ظاهر الرواية، لأنَّ الثياب ليست من ذوات الأمثال. (وَلَوْ كَانَ) النِّكاح (بِخِدْمَةِ الزَّوْجِ العَبْدِ) بأن تزوَّج عبدٌ امرأةً بإذن مولاه على خدمته (٢) مدةً معينةً (تَجِبُ هِيَ) أي الخدمة، لأنه لَمَّا خدمها بإذن مولاه، صار كأنَّه خدم مولاه.

قيَّد بالخدمة، لأنه لو تزوَّج على تعليم القرآن، يجب مهر المثْل، لأنه سمى ما لا يصلح صَداقاً لكونه عبادة، فصار كما لو سمَّى تعليم الإيمان، أو الصلاة، أو الصوم. وقَيَّدَ بالعبد، لأن الحُرَّ إذا تزوَّج على خدمته مدةً معينةً، يجب مهر المِثْل عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقيمة الخدمة عند محمد. وعند مالك، والشافعي: يجب ما سمَّى لها من التعليم والخدمة، واحْتَجَّا بقوله عليه الصلاة والسلام: «زَوَّجْتُكَهَا بما معك من القرآن» (٣) .

وأُجِيبَ بأنّ الباء للسببية لا للبدلية. وفي شرط رَعْي غنمها روايتان عندنا: فعلى رواية «الأصل»، و «الجامع» لا يجوز، وعلى رواية ابن سَمَاعَة: يجوز. ويجعل أبو يوسف ـ رحمه الله ـ إعتاقها على أن يتزوَّج بها صَدَاقها، كأن يقول: أعْتَقْتُكِ على أن تُزَوِّجِينِي نفسكِ فقبلت، صحَّ العِتْقُ، وهي بالخيار في تزوّجه، ولا تجبر عليه وإن التزمته، لعدم وجوبه بالالتزام. فإن تزوَّجته ولم يسم لها مهراً، قال أبو


(١) ثوب هرويّ: منسوب إلى هَرَاة، قرية بخُرَاسان. انظر "المغْرب في ترتيب المُعرب" ٢/ ٣٨٣. مادة (هرو).
(٢) أي: على خدمته للزوجة.
(٣) تقدّمَ تخريجه ص ٥٢، التعليقة رقم: (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>