للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَانَ بِهَذَا العَبْدِ أوْ هَذَا العَبْدِ فَمَهْرُ المِثْلِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا. ويَجِبُ الأَخَسُّ لَوْ دُونَهُ، والأعزُّ لَوْ كَانَ فَوْقَهُ.

===

يوسف: عتقها صَدَاقها. لِمَا صح أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أعتق صَفِيَّة وجعل عِتْقَها صَدَاقَها. ولأنَّها لو أبت نكَاحه، يجب عليها قيمة نفسها، فإذا تزوَّجته سلَّم لها قيمتها، فكان بدلاً عن بُضْعِها.

وأبو حنيفة ومحمد أوجبا لها مهر مِثْلها، لعدم إمكان جعل رقبتها مهراً، لأنها إن جُعِلَتْ قبل العِتْقِ فهي أَمَتُه، وليس له تزوُّجها، فيستحيل كون رقبتها مهراً لها، وإن جُعِلَتْ مهراً بعد العِتْق فهي حُرَّة، ورقبة الحُرَّة لا تصلح مهراً. والنص قد أَلصق ابتغاء النكاح بالمال بقوله تعالى: {وأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أنْ تَبْتَغُوا بأَمْوَالِكُمْ} (١) .

وأما قضية صَفِّية فلا تُلْزِمُ، لأنه عليه الصلاة والسلام كان مخصوصاً بالنكاح بلا مهر لقوله تعالى: {وامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا للنَّبِيِّ إنْ أرَادَ النَّبِيُّ أنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ في أزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ} (٢) وألزمناها قيمتها إن امتنعت من تزوُّجه، فتسعى له فيها، وهي حرة في حالة السِّعاية بالإجماع. ولم يلزمها زُفَرُ بها.

(وَلَوْ كَانَ) النِّكَاحُ (بِهَذَا العَبْدِ) الأبيض (أوْ هَذَا العَبْدِ) الحبشيّ، بأن تزوَّجها على أحدهما، وأحدهما أوْكَسُ (٣) من الآخر، أو تزوجها على ألفٍ، أو على ألفين. (فَمَهْرُ المِثْلِ) يجب (إنْ كَانَ) مهر المثل (بَيْنَهُمَا) بأن كان أقل من الأعزّ وأكثر من الأخسّ. (ويَجِبُ الأَخَسُّ لَوْ) كان مهر المثل (دُونَهُ) أي الأخسّ. (و) يجب (الأعزُّ لَوْ كَانَ) مهر المثل (فَوْقَهُ) وهذا كله عند أبي حنيفة.

وقالا: يجب الأقل في الأحوال الثلاث، لأنَّ الأقلَّ متيقنٌ والفضل مشكوكٌ فيه، فيجب الأخذ بالمتقين، كما في الخُلْعِ، والإعتاق، والطَّلاق على ألفٍ أو ألفين.

ولأبي حنيفة: أن الواجب بالأصالة في باب النِّكاح مهر المثل لأنه الأعدل إذ المُسَمَّى قد يكون أكثر من قيمة البُضْعِ وقد يكون أقل منها، وإنما يُعْدَلُ عنه (٤) إذا صحَّت التسمية، وهنا لم تصح لجهالة المسمَّى. والخُلْع، والإعتاق، والطلاق على مالٍ ليس لواحد منها مُوجِبٌ أصليّ يُصَار إليه، فيتعين الأخذ بالمتيقَّن.


(١) سورة النساء، الآية (٢٤).
(٢) سورة الأحزاب، الآية: (٥٠).
(٣) الوَكْسُ: النقصان. المصباح المنير ص ٦٧٠، مادة (وَكَسَ).
(٤) أي مهر المِثْل.

<<  <  ج: ص:  >  >>