للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهُوَ طَلَاقٌ إن أبى، ولَا مَهْرَ لَهَا إنْ أَبَتْ إلَّا لِلْمَوْطُوءةِ. وفي دَارِهِمْ تَبِينُ بِمُضِيِّ ثَلَاث حِيَضٍ قَبْلَ إِسْلَامِ الآخَرِ، وتَبِينُ بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ لا السَّبْيِ.

===

ولنا ما في «الموطّأ» عن ابن شِهَاب: أنّ ابنة الوليد بن المُغِيرَة كانت تحت صَفْوَان بن أُمَيَّةَ، وأَسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صَفْوَان، بن أُمَيَّة من الإسلام، فلم يُفَرِّقُ صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حتّى أسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النِّكاح.

وذكر الطَّحَاوِي وأبو بكر بن العربي: أنّ عمر بن الخطاب فرّق بين نصرانيَ ونصرانيّةٍ أسلمت بإِبائه عن الإسلام. ومن أدلتنا ما رُوِي أنّ دُهْقَانة (١) نهر الملك (٢) أسلمت، فأمر عمر أنْ يُعْرَض الإسلام على زوجها، فإن أسلم وإلاّ فَرَّقَ بينهما. وأنّ دُهْقَاناً أسلم على عهد عليّ، فعَرَضَ الإسلام على امرأته فأبت، فَفَرَّقَ بينهما. وإنّما يُفَرَّقُ بينهما إذا أبت هي الإسلام لإصرارها على الخبث، والخبيثة لا تصلح للطيّب.

(وهُوَ) أي تفريق القاضي بينهما (طَلَاقٌ) بائنٌ (إن أبى) الزوج، وليس بطلاق إن أبت المرأة. وقال أبو يوسف: ليس بطلاق فيهما. وفائدة الخلاف: عدم انتقاص عدد الطَّلاق بالفُرْقَة عنده، وانتقاصه بها عندهما. (ولَا مَهْرَ لَهَا إنْ أَبَتْ) لوجود الفُرْقَة من قبلها، كالمطاوعة لابن زوجها. (إلاَّ لِلْمَوْطُوءة) فإنّ لها المهر كله لتأكده بالدخول. قيَّد بإبائها، لأن تفريق القاضي بإباء الزَّوج قبل الدخول يوجب نصف المهر.

(وفي دَارِهِمْ) عطف على مقدر يتعلق بإسلام ـ وهو في دارنا ـ أي: وفي إسلام زوج المجوسية، أو امرأة الكافر في دارهم. سواء بَقِيَ الزَّوْجَان فيها، أو خرج أحدهما إلينا وبَقِيَ الآخر (تَبِينُ) المرأة سواء كانت مدخولاً بها، أو غيرها (بِمُضِيِّ ثَلَاث حِيَضٍ قَبْلَ إِسْلَامِ الآخَرِ) إنْ كانت تحيض، وبمضيّ ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، لأن الحكم بالفُرْقَة لمَّا كان منقطعاً عمَّن في دار الحرب، أُقِيمَ شرط الفُرْقَة ـ وهو مضيّ العدة ـ مقامها.

(وتَبِينُ) الحربيّة من زوجها (بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ) سواء سُبِيَ أحدهما أو لم يُسْبَ، بل خرج إلينا مسلماً، أو ذمياً، أو مُسْتَأْمَناً، ثم أسلم، أو صار ذمياً (لا السَّبْيِ) أي لا تبين بالسَّبي. وقال الشافعي ـ وهو قول مالك ـ: تبين به، ولا تبين بتباين الدَّارين. فلو


(١) الدُّهقَان: رئيس القرية. المعجم الوسيط ص ٣٠٠، مادة (دهق).
(٢) حُرِّفت في المطبوع إلى: نهى الملك، والمثبت من المخطوط، وهو الصواب. ونهر الملك: كورة (أي مدينة) واسعة من نواحي بغداد أسفل من نهر عيسى. مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع ٣/ ١٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>