للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وارْتِدَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخٌ عَاجِلٌ، ثُمَّ لِلْمَوْطُوءَةِ كُلُّ مَهْرِهَا ولِغَيْرِهَا نِصْفُهُ لَوْ ارْتَدَّ وَلَا شَيءَ لَوْ ارْتَدَّتْ، وَبقِي النِّكَاحُ إنْ ارْتَدَّا مَعاً، فَأَسْلَمَا مَعاً

===

عدّتها كالحامل، فإنه لا يصح نكاحها قبل الوضع عند الجمهور، وعلى الأصَحّ عند أبي حنيفة.

لهم: أن نُسَيْبَة لمَّا هاجرت، أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتدّ. وله: قوله تعالى: {ولا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ إذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فالله أباح نكاح المهاجرة مطلقاً، فتقييده بما بعد انقضاء العدّة يكون زيادة. وأيضاً قال الله تعالى: {وَلَا تُمْسِكوا بِعِصَمِ الكَوَافِرِ} وفي إيجاب العدّة تمسّك بِعِصَم الكافر. وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يصحّ نكاح الحامل من المهاجرات، ولكن لا يقربها حتى تضع، لأنه لا حرمة لماء الحربيّ، فهو بمنزلة ماء الزاني، والحَبَل من الزِّنا لا يمنع النِّكاح عنده، ولكن الأوَّل أصحّ، لأن الحبل من الزِّنا لا نسب له، وهذا النَّسب ثابتٌ من الحربيّ.

(وارْتِدَادُ كُلَ مِنْهُمَا) أي من الزَّوجين (فَسْخٌ عَاجِلٌ) عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال الشافعيّ: إنْ لم يدخل بها ففسخٌ عاجلٌ، وإن دخل بها ففسخٌ آجلٌ، يعني إنْ عاد المرتدّ منهما إلى الإسلام في مدة عدّة تلك المرأة لم ينفسخ، وإلاّ انفسخ. وقال محمد: إن كان الارتداد من المرأة فهو فسخٌ، وإن كان من الرَّجل فهو طلاقٌ. فمحمد مرّ على أصله في الإباء، وكذلك أبو يوسف، لأن الإباء عنده فسخٌ عاجلٌ. ووجه الفرق لأبي حنيفة: أنّ الرِّدَّةَ منافيةٌ للنِّكاح لمنافاتها للعصمة، والطَّلاق يستدعي قيام النِّكاح، فلا تكون الفُرْقَة بالرِّدَّة طلاقاً. والإباء تفويت الإمساك بالمعروف، فيجب التَّسريح بالإحسان، ولهذا تتوقف الفُرْقَة بالإباء على القضاء، ولا تتوقف الفرقة بالرِّدَّة عليه.

(ثُمَّ لِلْمَوْطُوءَةِ كُلُّ مَهْرِهَا) سواء ارتدَّ الزَّوج، أو هي، لأنّ الوطاء مؤكِّدٌ للمهر (ولِغَيْرِهَا) أي لغير الموطوءة (نِصْفُهُ لَوْ ارْتَدَّ) الزَّوج، لأنَّ الفُرْقَةَ من قِبَله قبل الدخول (وَلَا شَيءَ لَوْ ارْتَدَّتْ) الزَّوجة، لأَن الفُرْقَة من جهتها قبل الدخول. (وَبقِي النِّكَاحُ إنْ ارْتَدَّا مَعاً فَأَسْلَمَا مَعاً)، وقال زُفَرُ: لا يبقى، وهو القياس. لأن في ردَّتهما ردَّة أحدهما، وهي منافية للنِّكاح.

ووجه الاستحسان: أنهما لم يختلفا في دينٍ ولا في دارٍ، فلا تقع الفُرْقَة بينهما، كما إذا أسلم الزَّوجان الكافران معاً. وإنَّما تركنا القياس لاتفاق الصَّحابة. فإن بني حنيفة

<<  <  ج: ص:  >  >>