للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا قَسْمَ في السَّفَرِ

===

رُوِيَ أنّ امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب وعنده كعب بن سُور (١) فقالت: يا أمير المؤمنين إنَّ زوجي يصوم النَّهار، ويقوم اللَّيل، وأنا أكره أن أشكوَهُ، فقال لها عمر: نِعْمَ الرَّجل زوجك. فردّدت كلامها ـ أي كرَّرّت ـ وعمر لا يزيدها على ذلك، فقال كعب: يا أمير المؤمنين إنها تشكو زوجها في هجره فراشها، فقال له عمر: كَما فهمت إشارتها فاحكم بينهما، فأرسل إلى زوجها فجاء، فقال لها كعب: ما تقولين؟ فقالت شعراً:

*يا أيَّها القَاضِي الحَكِيمُ أرْشِدُه ** ألْهَى خَلِيلِي عن فِرَاشِي مَسْجِدُه

*زهَّدَهُ في مَضْجِعِي تعبُّدُه ** نَهَارَهُ وَليْلَهُ مَا يَرْقُدُه*

*ولَسْتُ في أمْرِ النِّسَاءِ أحْمِدُه

فقال لزوجها ما تقول؟ فقال شعراً:

*زَهَّدَنِي في فَرشها وفي الكِلَلْ (٢) ** أني امرءٌ أَذْهَلَنِي مَا قَدْ نَزَلْ

* في سُورَةِ النَّمْلِ وفي السَّبْعِ الطُوَلُ ** (وفي كِتَابِ الله تَخْويفٌ جَلَلْ) (٣) فقال له كعب شعراً:

*إنَّ لَهَا عَلَيْكَ حقاً يَا رَجُل ** نَصِيبَها (٤) في أربعٍ لمن عَقَلْ*

*فأعْطِهَا ذَاكَ وَدَعْ عَنْكَ العِلَلْ

فقال له عمر: من أين لك هذه؟ قال: لأن الله تعالى أباح للحرِّ أربع زوجات، فلكل واحدة يوم وليلة. فأعجب ذلك عمر، وجعله قاضي البَصْرَة. والكِلَل بكسر الكاف: جمع كِلَّة ـ بكسر وتشديد ـ: وهي الستر الرقيق يُخَاط، كالبيت يتوقَّى فيه من البَقِّ أي البعوض.

(وَلَا قَسْمَ في السَّفَرِ) وهو مذهب مالك، لأنَّ حقهنَّ يسقط بالسفر، ولهذا كان له أنْ لا يستصحب واحدة منهنَّ. قَيَّدَ بالسَّفر، لأن المرض منه أو منهنَّ لا يسقط القسم لِمَا في السُّنن عن عائشة قالت: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النِّساء ـ يعني في مرضه ـ فاجتمعن، فقال: إني لا أستطيع أن أدور بينكنَّ، فإن رأيتنَّ أنّ تأذَنَّ لي فأكون


(١) حُرِّفت في المطبوع إلى كعب بن سعد، والمثبت من المخطوط وهو الصواب. انظر مصنف عبد الرزاق ٧/ ١٤٩، كتاب الطلاق، باب حق المرأة على زوجها وفى كم تشتاق؟، رقم (١٢٥٨٦ و ١٢٥٨٧، ١٢٥٨٨).
(٢) سيأتي شرحها قريبًا.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٤) في المخطوط: تصيبها، والمثبت من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>