للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلا إِذا غيَّر طعمَهُ أو لونَهُ أو ريحَهُ، وإن لم يكن، يَنْجُسْ. ولا بأسَ بموتِ مائيِّ المَوْلدِ، ولا بِمَوتِ ما ليس له دَمٌ سائل.

===

وشيئاً. وقال الشافعيُّ: فالاحتياطُ أن يُجْعَلَ قِرْبَتَيْنِ ونصفاً. لكن قال ابنُ عَدِيّ: قولُهُ في مَتْنِه: «مِنْ قِلالِ هَجَر» غيرُ محفوظٍ، لا يُذكَرُ إلاَّ مِنْ روايةِ مُغِيرة بن سِقْلاب يُكنَى أبا بِشْر، مُنكَرُ الحديث. وروى ابنُ عَدِيّ عنه عن ابن عُمَر مرفوعاً: «إذا كان الماءُ قُلَّتينِ لم يُنَجِّسه شي». والقُلَّةُ أربعةُ أَصْوُع. هذا خلاصَةُ ما ذكَرَ ابنُ الهُمَام من تلخيص ما ذكره الشيخ تقيُّ الدين بن دقيق العِيد في «الإِمام»، وقد أفرده الناسُ بالتصنيف.

واعتَبَر مالكٌ أوصافَ الماءِ قليلاً كان الماءُ أو كثيراً، لقولِهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الماء طاهِرٌ إلا أن يتغيَّرَ ريحُهُ أو طعمُهُ أو لونُهُ بنجاسةٍ تَحْدُثُ فيه» (١) ، وقولِهِ: «إنَّ الماءَ طَهورٌ لا يُنجِّسُه شيء» (٢) .

قلنا: الحديثُ الأوَّلُ غيرُ قويّ كما ذكره البيهقي. والثاني ليس على إطلاقه لقوله صلى الله عليه وسلم «لا يَبُولَنَّ أحدُكم في الماءِ الدائم ولا يَغْتَسِلَنَّ فيه من الجنابة»، أو: «ثُمَّ يَغْتَسِل منه» أو: «فيه» كما هو رواية «الصحيحين». فلو لم يكن مُفْسِداً للماءِ لما كان للنهي عنه فائدة.

(إِلا إِذا غيَّر طعمَهُ أو لونَهُ أو ريحَهُ) يتعلَّقُ بالماءِ الجاري وماءِ الحوض جميعاً، فإنه إذا اختلَطَ النَّجَسُ بأحدِهما وغيَّرَ أحدَ أوصافِه الثلاثةِ يَصِيرُ نَجِساً. (وإِن لم يكن) الماءُ جارياً ولا عَشْراً في عَشْرٍ على الوجه المذكور (يَنْجُسْ) ذلك الماءُ لوقوع النجاسة فيه قليلةً كانت أو كثيرة.

(ولا بأسَ بموتِ مائيِّ المَوْلدِ) وهو ما يَتولَّدُ في الماء، كالسَّمَكِ والضِّفْدَعِ والسَّرَطان (ولا بموتِ ما ليس له دَمٌ سائل) كالبقِّ والذُّبابِ والخُنافسِ (٣) لقوله صلى الله عليه وسلم «يا سَلمانُ كلُّ طعامٍ وشرابٍ وقعَتْ فيه دابَّةٌ ليس لها دَمٌ سائل فماتتْ فيه فهو حلالٌ أكلُه وشُرْبُه ووضوؤه» رواه الدارقطنيُّ وقالَ: لم يَرفعه إلا بَقِيَّةُ عن سَعِيد بن أبي سَعِيد الزُّبَيدِي وهو ضعيف. انتهى. وأعلَّه ابنُ عَدِيّ بجهالةِ سعيد، ودُفِعَا بأنَّ بَقيَّةَ هذا هو أبو الوليدِ رَوَى عنه الأئمةُ مثلُ الحمَّادَينِ، وابنِ المبارك، ويزيدَ بن هارون، وابنِ عيينة،


(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" ١/ ٢٦٠.
(٢) أخرجه أبو داود في السنن ١/ ٥٤ - ٥٥، كتاب الطهارة (١)، باب ما جاء في بئر بضاعة (٣٤)، رقم (٦٦). والترمذي ١/ ٩٥ - ٩٦، كتاب الطهارة (١)، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء (٤٩)، رقم (٦٦).
(٣) الخُنْفُسَاء: حشرة سوداء، منته الريح. المعجم الوسيط ص ٢٥٩، مادة (خنفس).

<<  <  ج: ص:  >  >>