للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَعَ فِعْلٍ مُمْتَدٍّ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ، ولِلْوَقْتِ المُطْلَقِ مَعَ فِعْل لا يمتدّ، كَأنَتْ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ.

===

(واليَوْمُ للنَّهَارِ) وهو من طلوع الشَّمس إلى الغروب، وهذا هو المعنى العُرْفِيّ. وأمّا الشَّرعيّ فهو من طلوع الصبح الصادق إلى غروب جِرْم الشّمس، وكل منهما حقيقيّ. ومعناه المجازي هو مطلق الوقت. (مَعَ فِعْلٍ مُمْتَدَ)، وفي نسخة: يمتدّ. وهو ما يقبل التوقيت (كأَمْرُكِ بِيَدِكِ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ) فإن الأمر باليد ممتدٌّ لقَبوله التوقيت. وفي «شرح الوقاية»: أَنّ المراد بالامتداد امتدادٌ يمكن أنْ يستوعب النّهار لا مطلق الامتداد، لأنهم جعلوا التكلّم من قبيل غير الممتدّ، ولا شك أنّ التكلّم قد يمتدّ زماناً طويلاً، لكن لا يمتدّ بحيث يستوعب النّهار.

(ولِلْوَقْتِ المُطْلَقِ مَعَ فِعْلٍ لا يمتدّ، كَأَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدُ) لأنّ اليوم يطلق ويُرَاد به النّهار، كما في قوله تعالى: {إذَا نُودِيَ للصَّلَاةِ مَنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ} (١) ويطلق ويُرَاد به الوقت كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} (٢) بدليل أنّ من فرّ من الزحف ليلاً أو نهاراً يستحق الوعيد، وكما في قول الشاعر:

*

*فَيَوْمٌ عَلَيْنَا وَيَوْمٌ لَنَا

يُرَادُ مُطْلَقُ الوقت، ومنه قوله تعالى: {وتلْكَ الأَيَامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (٣) فيحمل مع الفعل الممتدّ كالصّوم والسّير والرّكوب وتخيير المرأة على النّهار، ومع غير الممتدّ كالطَّلاق والعَتاق على مطلق الوقت رعايةً للمناسبة واستعمال العرف. وهذا التفصيل إذا لم يكن له نيّة. أمّا لو قال في غير الممتدّ: شئت (٤) النّهار، فإنه يصدق قضاءً، لأنه نوى حقيقة كلامه فيصدق وإن كان فيه تخفيف على نفسه.

قيّد باليوم لأن النّهار لا يكون إلاّ للبياض خاصّةً، والليلَ لا يكون إلاّ للسّواد خاصّةً، سواء كان الفعل ممتدًّا أو غير ممتدّ. واختلفت عباراتهم فيما إذا اعْتُبِرَ الامتداد وعدمه: فمنهم من يعتبره في المضاف إليه اليوم، لأنّ المضاف يحصل له التعريف والاختصاص من المضاف إليه، وهو مختار فخر الإسلام والصّدر الشهيد والعَتَّابيّ حيث اعتبروه في الشرط. ومنهم من يعتبره في الجواب والجزاء، لأنه هو العامل فيه.


(١) سورة الجمعة، الآية: (٩).
(٢) سورة الأنفال، الآية: (١٦).
(٣) سورة آل عمران، الآية: (١٤٠).
(٤) في المخطوط: عيّنت، والمثبت من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>