للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن أَشارَ بالأصْبَعِ يُعْتَبَرُ عَدُّ المَنْشُورَةِ، وإنْ أَشَارَ بِظُهُورِهَا فَالمَضْمُومَةُ.

وإنْ وَصَفَ الطَّلاقَ بالشدّةِ، أو الطُّولِ، أوْ العَرْضِ، أوْ شِبْهِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى هَذا، فَثَلاثٌ إنّ نَوَاهَا،

===

تبق محلاً للثانية، بخلاف الموطوءة فيقعان فيها.

وإذا قال: أنتِ طالقٌ واحدةً بَعدها واحدةٌ كانت البعديّة صفةً للواحدة الثَّانية، فتبين غيرُ الموطوءة بالأولى، ولم تصر محلاً للثانية، بخلاف الموطوءة فيقعان فيها. وإذا قال: أنتِ طالقٌ واحدةً قبلها واحدةٌ كانت القبلية صفةً للواحدة الثّانية، وليس في وُسْعه تقديمها على الأولى، وفي وسعه إيقاعها في الحال، فيقع ما في وسعه، فيقع ثنتان. وإذا قال: أنتِ طالقٌ واحدةً بعد واحدةٍ كانت البعدية صفة للواحدة الأولى فيقتضي الكلام وقوعها بعد الثّانية، وليس في وسعه ذلك فيقعان جميعًا.

ومذهب مالك كمذهبنا، ومذهب الشافعيّ في «قبل» مع الضمير وجهان: أحدهما أنه لا يقع شيءٌ، والثّاني أنه يقع واحدة، وفي الثلاث صور الأُخَر يقع واحدة.

(وإنّ أَشارَ بالأصْبَعِ) أي ببطون الأصابع إلى عدد الطَّلاق (يُعْتَبَرُ عَدُّ المَنْشُورَةِ) ولا يصدق قضاءً في نيّة المضمومة (وإنْ أَشَارَ بِظُهُورِهَا) بأنْ جعل ظهر الأصابع إلى المرأة وبطنَها إلى نفسه (فَالمَضْمُومَةُ) معتبرةٌ وإن كان في الأصل أنْ تقع الإشارة بالمنشورة، هكذا ذكر شمس الأئمة في «شرح الكافي» عن بعض المتأخرين.

والمذكور في «الظَّهِيرِيّة» وسائر الكتب: أنّ المعتبر المنشورة مطلقاً، حتى لو قال: عَنَيتُ المضمومة لا يُصَدَّقُ قضاءً. ومما يدلّ على اعتبار عدد المنشورة مطلقاً ما رَوَى البُخَارِي ومسلم من حديث جَبَلَة بن سُحَيم أنه قال: سمعت ابن عمر يقول: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم «الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا» وخنَس (١) الإبهام في الثالثة. ولولا اعتبارُ عدد المنشورة لكان الشهر إحدى وعشرين يوماً لا تسعة وعشرين يوماً.

(وإنْ وَصَفَ الطَّلَاقَ بالشِّدّةِ) بأنْ قال: أنتِ طالقٌ بائِنٌ أو البَتَّةُ، أو أشدَ الطَّلاق، أو أَكبَره، أو أعظَمه، أو أسوأَه، أو أفحشَه، أو أخبثَه، أو طلاق الشّيطان، أو طلاق البدعة، أو ملءَ البيت (أو الطُّولِ أوْ العَرْضِ) أي بهما: بأن قال: أنتِ طالقٌ طلقةً طويلةً أو عريضةً، (أوْ شِبْهِهِ) أي الطّلاق (بِمَا يَدُلُّ عَلَى هَذا) أي على ما ذُكِرَ من الشِّدة أو الطُّولِ أو العرضِ، بأن قال: أنتِ طالقٌ كالجبلِ أو كألفٍ (فَثَلَاثٌ إنّ نَوَاهَا) أي الثَّلاث


(١) خَنَس: أخّر. المعجم الوسيط ص ٢٥٩، مادة (خنس). أي أخّر إبهامه وقبضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>