للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَبَائِنَةٌ. وفي اعْتَدِّي، واسْتَبْرِئِي رَحِمَكِ، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّة ويَقَعُ بإسْنَادِ البَيْنُونَةِ والحُرْمَةِ إلَيهِ، لا الطَّلاقِ.

===

لم ينوِ الثَّلاث: بأن لم ينوِ شيئاً، أو نوى واحدة أو ثنتين (فَبَائِنَةٌ) أي فيقع واحدةٌ بائنةٌ. وقال مالك والشافعي وأحمد: يقع بها رجعيٌّ إن لم ينو الثَّلاث. والمسألة مختلفٌ فيها بين الصحابة، فقال عمر وابن مسعود: الواقع بها رجعيّ. رواه عبد الرَّزَّاق في «مصنفه»، ومحمد بن الحسن في «آثاره». وقال عليّ وزيد بن ثابت وعامة الصّحابة: الواقع بها بائنٌ. وإنّما لا تصحّ نيته اثنتين عندنا خلافاً لزُفَر، لأن معنى التوحيد مراعىً في ألفاظ الوُحْدَان وذلك بالفردية أو الجنسية، والمثنّى بمعزلٍ منهما.

(وفي اعْتَدِّي) وهو قوله صلى الله عليه وسلم لسَوْدَة حين أراد أن يطلّقها: اعتدّي (واسْتَبْرِئِي رَحِمَكِ) لأنه بمنزلة التفسير لِمَا قَبْلَهُ (وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ) يقع (رَجْعِيَّة) ولا فرق بين نصب الواحدة وعدمه، لأن العوام، بل بعض الفقهاء الكرام لا يفرِّقون بين وجوه الإعراب. وقال بعض المشايخ: إنْ نصبَ الواحدة تقع رجعيّة وإن لم ينوِ، لأنه نعتٌ لمصدر محذوف، وإنْ رفعها لا يقع شيءٌ وإن نوى، لأنه نعتٌ للمرأة، وإن سَكَّنَ يحتاج إلى النِّيَّة لاحتمال الأمرين. وقيل: يجوز الرفع لكونه نعتاً لطلقة، أي أنتِ تطليقة واحدة، ويجوز النَّصب لكونه نعتاً لمصدر آخر، أي أنتِ متكلمةٌ كلمةً واحدةً، فعلى هذا لا فرق بين الخواصّ والعوام.

(ويَقَعُ) الطَّلاق البائن (بإسْنَادِ البَيْنُونَةِ والحُرْمَةِ إلَيْهِ) بأنْ قال: أنا منك بائنٌ، أو قال: أنا منك حرامٌ ونوى الطّلاق، كما يقع بإسنادهما إلى المرأة (لا الطَّلَاقِ) أي لا يقع بإسناد الطّلاق إليه شيءٌ بأن قال: أنا منكِ طالقٌ وإنْ نوى الطَّلاق، وهو قول أحمد. وقال مالك والشافعيّ: يقع الطَّلاق إذا نَوَاه.

وحجَّتنا في ذلك ما رُوِيَ أن امرأةً قالت لزوجها: لو كان إليّ ما إليك لرأيت ماذا أصنع؟ فقال: جعلت إليك ما إليّ، فقالت: طلَّقتك. فَرُفِعَ ذلك إلى ابن عباسٍ فقال: خَطَّأَ الله نَوَّاها (١) ، هلاّ قالت: طلّقت نفسي منك. ثم الطّلاق واقعٌ بِـ: لستِ بامرأتي، أو: لستُ زوجك، إنْ نوى الطَّلاق عند أبي حنيفة خلافاً لهما.

ويَلحقُ الطّلاقُ الصريح مثلَه: كـ: أنتِ طالقٌ أنتِ طالقٌ، ويلحق البائنَ أيضاً: كـ: أنتِ بائنٌ أنت طالقٌ، ويلحق البائنُ الصريحَ: كـ: أنتِ طالقٌ أنتِ بائنٌ، ولا يلحق


(١) أي نيتها. وفي المخطوط: "نواها". وفي هامش المخطوط: "حَطَأ الله … " ومعنى حطأ: ضرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>