بَرِيَّةٌ عن الطاعة أو عن المحامد، وبائِنٌ عن الرُّشد والدين، وبَتَّةٌ عن الأخلاق الحسنة، لأن البين والبتّ بمعنى القطع، حرامٌ في الصحبة أو العِشْرة، ويصلح جواباً لسؤالها الطَّلاق: بأن يراد أنت خَلِيَّة لأني طلّقتك وكذا البواقي.
(ونَحْو: اعْتَدِّي، واسْتَبْرِئِي رَحِمَكِ، أنْتِ وَاحِدَةٌ، أنتِ حُرَّةٌ، اخْتَارِي، أمْركِ بِيَدِكِ، وسَرَّحْتُكِ، وفَارَقْتُكِ، لا يحتملهما) أي الردّ لسؤال المرأة، والسَّبّ لها، وإنما يصلح جواباً لسؤالها ومعاني أُخَرَ.
(فَفِي الرِّضَا) وهو أنْ لا يكون غضبٌ ولا مذاكرة طلاقٍ (يَتَوَقَّفُ الكُلُّ عَلَى النِيَّةِ) للاحتمال وعدم دلالة الحال (وَفِي الغَضَبِ) يتوقّف القسمان (الأَوَّلَانِ) على النيّة لأن الأوَّلَ لَمّا احتمل الرَّدّ والثّاني السّبّ، وقع الشّك في الجواب، فلا تطلَّق إلا بالنيّة. (وَفِي مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ) يتوقَّف (الأوَّلُ فَقَطْ) أي ولا يتوقف الأخيران.
أمّا توقف الأول فلأنه لَمّا احتمل الرَّدَّ والجواب، والرد أدْنى من الجواب لأن الرَّدّ دفعٌ والجواب رفعٌ، حُمِلَ عند عدم النِّيَّة على الرَّدِّ. وأمّا عدم توقف الآخرين فلأنّ الظاهر منهما عند مذاكرة الطَّلاق إرادته، فلا يتوقفان عندها على النِّيَّة. والقول قوله في تركها مع يمينه لأنها محتملة، فإن أنكر النِّيَّة في مذاكرة الطَّلاق لم يصدق قضاءً فيما يصلح منها جواباً فقط، ولا يصلح سبًّا ولا ردًّا، أو يصلح جواباً وسبًّا أيضاً، وصُدِّق فيما يصلح جواباً ورداً. وإن أنكرها في حال الغضب لم يصدق فيما يصلح جواباً فقط، ويصدق فيما عداه.
ولا يقع الطَّلاق بكنايتيْ التفويض وهما: اختاري نفسكِ، وأمركِ بيدكِ، إلاّ بإيقاعها بعد التفويض كما سيأتي في محله. وإنما ذُكِرَا مع الكِنَايَات ههنا لاحتمالهما تخييرها في نفسها بالإقامة على النِّكاح وعدمه، واحتمالهما تخييرها في غيره من نفقةٍ أو كِسْوةٍ. فإن اختارت نفسها وأنكر الزّوج قصد الطّلاق، كان القول له مع يمينه، إلاّ إذا كان بعد مذاكرة الطّلاق، أو في حال الغضب، فاختارت نفسها فإنه لا يصدق قضاءً.
(فإنْ نَوَى الثَّلَاثَ) بهذه الألفاظ من الكنايات كلها سوى ثلاثة ألفاظ تذكر بعد ذلك بمنزلة الاستثناء، وسوى لفظ اختاري كما سيأتي (يَقَعْنَ) الثلاث، (وإلاّ) أي وإن