للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ فِي العِدَّةِ تَرِثُ.

===

في ذلك المرض بغيره، وفي تلك المبارزة بمرض، وفي ذلك التقديم بغير القتل أو الرّجم، لأن الموت قد اتصل به في مرضه الذي طلّقها فيه فيكون فارّاً. (وإنما قلنا في ذلك المرض احترازاً عمّن أبانها في مرضه، ثم صحّ ثم مات فإنه لا يكون فارَّاً) (١) ، خلافاً لزُفَر.

(وَهِيَ فِي العِدَّةِ) قيّد به لأنه لو مات بعد العِدَّة لا ترث. وقال ابن أبي لَيْلَى، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن رَاهُويه، وأبو عُبيد: ترث بعد العِدّة ما لم تتزوج بآخر. وعن مالك واللّيث: وإن تزوّجت بأزواجٍ (تَرِثُ) وفي نسخة: ترثه. وهذا جواب لو، وبه قال مالك كما في الطّلاق الرّجعيّ. وقال الشّافعيّ في الجديد، وأبو ثور، وابن المنذر: لا ترث، وهو القياس. لأن سبب الإرث ـ وهو الزوجية ـ قد ارتفع قبل الموت، فصار كما لو طلّقها قبل الدّخول، أو في الصَّحَّة، ولهذا لو حلف أنه لا زوجة له لا يحنَث.

ولنا أنّ الزَّوجية سبب إرثها، والزّوج قصد إبطالها فيردّ عليه قصده بتأخير عمله إلى انقضاء العِدّة لبقاء بعض الأحكام، بخلاف ما إذا ماتت هي حيث لا يرثها، لأنه رضي بذلك، وبخلاف ما إذا طلّقها بسؤالها لأنها رضيت ببطلان حقّها، واستحساناً لاتفاق الصَّحابة، فقد رُوِيَ أنّ عبد الرّحمن بن عوف لَمّا بَتّ طلاق امرأته ـ تُمَاضِر بنت الأصبغ بن زياد بن الحُصَيْن الكلبيّة (٢) ـ في مرضه، ومات عبد الرّحمن وهي في العِدّة وَرَّثَها عثمانُ بمحضَرٍ من المهاجرين والأنصار وقال: ما اتَّهَمْتُه، ولكن أَرَدتُ السُّنَّة.

ورُوِيَ عن عمر وعائشة وابن مسعود وابن عُمر وأبيّ بن كعب رضي الله عنهم: أنّ امرأة الفارّ تَرِثُ ما دامت في العِدّة. وعن إبراهيم: جاء عُرْوَة البَارِقِيّ إلى شُرَيْح من عند عمر بخمس خصالٍ منها: ما إذا طلّق المريض امرأته ثلاثاً ورثته إذا مات وهي في العدّة. وعن الشَّعْبِيّ: أنَّ أمّ البنين بنت عُيَيْنَة بن حصن الفَزَارية كانت تحت عثمان بن عفّان رضي الله عنه ففارقها بعدما حُصِرَ، فجاءت إلى عليّ بعدما قُتِلَ وأخبرته بذلك، فقال: تركها حتى إذا أشرف على الموت فارقها، وورّثها منه. ويشكل هذا بقولهم: لو


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) كذا في المخطوط والمطبوع، وذكر ابن حجر في "الإصابة" ١/ ١١١، ٨/ ٣٣ خلاف هذا فقال: تُمَاضِر بنت الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن حُصَين … فتنبَّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>