للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنُدِبَ إشْهَادُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ وإعْلامُهَا بِهَا،

===

وإسحاق: إنْ أراد بالوطاء الرّجعة فهو رجعة. وقال الشافعيّ وأبو ثوّر: لا تكون الرّجعة إلاّ بالقول.

ولنا: أنه بوطئها وبكل فعلٍ يختصّ بالنِّكَاح يكون مستديماً لملك النِّكاح، كَوطاء البائع أَمته إذا كان له الخِيار. ولو لَمَست زوجها بشهوةٍ، أو نظرت إلى فَرْجه بشهوةٍ وعلم الزّوج بذلك وتركها، فهو رجعة. وإن كان ذلك اختلاساً منها لا بتمكينه، فقال السَّرَخْسِيّ وشيخ الإسلام: إِنه رجعة عند أبي حنيفة ومحمد اعتباراً بالمصاهرة، وليست برجعة عند أبي يوسف، لأنّ الرّجعة إنما تكون من جانب الزّوج. ولو تزوّجها في العدّة فَرَجْعَةٌ عند محمد، ولغوٌ عند أبي حنيفة، وعن أبي يوسف روايتان. قال أبو جعفر: وبقول محمد نأخذ. وفي «الينابيع»: وعليه الفتوى.

(وَنُدِبَ إشْهَادُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ) بأن يقول لاثنين من المسلمين: اشهدا أنّي راجعت زوجتي، وبهذا قال مالك، والشافعيّ في الأصحّ، وأحمد في رواية. وقال القاضي أبو بكر بن العلاء، وأهل الظّاهر: يجب الإشهاد لقوله تعالى: {وأشْهِدُوا ذَوي عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١) حيث أَمر بالإشهاد، والأمر للوجوب.

ولنا: أن النصوص الواردة في الرّجعة ليست مقيّدة بإشهادٍ لقوله تعالى: {فَإذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أو فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوف} (٢) ، وقوله تعالى: {وبُعُولَتُهُنَّ أحَقّ برَدِّهِنَّ} (٣) ، وقوله تعالى: {فإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} (٤) وقوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أنْ يَتَرَاجَعَا} (٥) ، وقوله صلى الله عليه وسلم «مُرْ ابنك فليراجعها» (٦) . وهو مرويّ عن ابن مسعود وعمّار بن ياسر.

(و) نُدِبَ (إعْلَامُهَا) أي إعلام الرجل المرأة (بِهَا) أي بالرّجعة، لأنها إذا لم تعلم ربّما تزوّجت بآخر بعد انقضاء عدّتها. قال الطَّحَاوِيّ في شرحه: والرجعة على ضربين: سُنِّيٌّ وبِدْعِيٌّ، فالسُّنِّيُّ أن يراجعها بالقول، ويُشْهِدُ على رجعتها ويُعْلِمها، حتى لو


(١) سورة الطلاق، الآية: (٢).
(٢) سورة الطلاق، الآية: (٢).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٢٨).
(٤) سورة البقرة، الآية: (٢٢٩).
(٥) سورة البقرة، الآية: (٢٣٠).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٩/ ٣٤٥ - ٣٤٦، كتاب الطلاق (٦٧)، باب قول الله تعالى: {يا أيها النبي … } (١)، رقم (٥٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>