للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأنْ لا يَدْخُلَ عَلَيْهَا حَتَّى يُؤْذِنَهَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ رَجْعَتَهَا.

ومُعْتَدَّةُ الرَّجْعِيِّ تتَزَيَّنُ، وَلَهُ وَطْؤُها، ولا يُسَافِرُ بِهَا حَتَّى يُشْهِدَ عَلَى رَجْعَتِهَا.

وصُدِّقَتْ في مُضِيِّ عِدَّتِهَا إنْ أَمْكَنَ، وَفِي بَقَائِهَا

===

راجعها بالقول ولم يُشهد أو أشهد ولم يعلمها كان مخالِفاً للسُّنَّة. وقال الحاكم الشهيد: وإذا كَتَمها الطّلاق، ثم راجعها وكتمها الرّجعة، فهي امرأته، غير أنه قد أساء فيما صنع. ولو راجعها ولم تعلم حتى انقضت عدّتها وتزوّجت بآخر، فهي امرأته ويُفَرَّقُ بينها وبين الثّاني سواء دخل بها، أو لم يدخل.

(وَ) نُدِبَ (أنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا حَتَّى يُؤْذِنَهَا) أي يُعْلِمها بدخوله: بأنْ يخفق نعله أو يتنحنح (إنْ لَمْ يَقْصِدْ رَجْعَتَهَا) لأنّه قد يقع بصره على موضعٍ يصير به مراجِعاً، فيحتاج إلى طلاقها ثانياً فيطوّل عليها العدّة، وتتضرر بامتداد المدّة.

(ومُعْتَدَّةُ الرَّجْعِيِّ تَتَزَيَّنُ) لأنّ النِّكاح قائمٌ إلى انقضاء العدّة، ولهذا يجري التوارث بينهما، وتطلق طلقة أخرى إذا قال: كل امرأة لي طالقٌ. ولأنّ التَّزيّن ربّما كان حاملاً له على الرّجعة وهي مستحبة. (وَلَهُ وَطْؤُهَا) ويكون به مراجعاً. وقال الشّافعيّ: ليس له ذلك. ولنا أنّ الزّوجيّة قائمةٌ لأنه تعالى سمّاه بَعْلاً بقوله تعالى: {وبعُولَتُهُنَّ أحَقُّ بَرَدِّهِنَّ في ذَلِكَ} (١) ولأنه يملك مراجعتها بالقول من غير رضاها، والأجنبيّ لا يقدر على ذلك. (ولَا يُسَافِرُ بِهَا حَتَّى) يراجعها و (يُشْهِدَ عَلَى رَجْعَتِهَا) على سبيل الاستحباب، لأنّ بالإشهاد يَتقرَّر ملك الزّوج اتفاقاً.

وقال زُفَر: يجوز له أنْ يسافر بها، وإن لم يراجعها لأنّ النِّكاح بينهما قائمٌ، فصار كما لو لم يطلّقها. ولنا: قوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} (٢) الآية في الرّجعي لقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (٣) ، وقوله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ ايُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أمْراً} (٤) .

(وصُدِّقَتْ في مُضِيِّ عِدَّتِهَا إنْ أَمْكَنَ) مُضِيُّها (وَفِي بَقَائِهَا) واخْتُلِفَ في أقل مدّة تُصَدَّق فيها الحرّة الحائض في انقضاء عدّتها: فقال أبو حنيفة: ستون يوماً، وقال أبو يوسف ومحمد: تسعةٌ وثلاثون يوماً، وقال مالك: أربعون يوماً، وقال الشافعيّ: أكثر


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٢٨).
(٢) سورة الطلاق، الآية: (١).
(٣) سورة الطلاق، الآية: (١).
(٤) سورة الطلاق، الآية: (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>