للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والوطاء شرطٌ عند الجمهور لِمَا روى أصحاب الكتب الستة من حديث عائشة قالت: سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجلٍ طلّق امرأته، فتزوّجت زوجاً غيره فدخل بها، ثم طلقها قبل أنْ يواقعها أتحلُّ لزوجها الأول؟ قال: «لا حتّى يذوقَ الآخَرُ من عُسَيْلَتِها ما ذاق الأوّل». وفي نسخة: «مثل ما ذاق الأوّل». وروى أحمد في مسنده، عن مروان عن أبي عبد الملك المَكِيّ (١) ، عن عبد الله ابن أبي مُلَيْكَة، عن عائشة: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «العُسَيْلَةُ الجِماع». ورواه الدَّارَقُطْنِيّ في سننه، لكن المَكِّيّ مجهولٌ.

وفي السُّنَن إلاّ أبا داود عنها أيضاً قالت: جاءت امرأة رِفَاعَة القُرَظِيّ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: كنت عند رِفَاعة فطلّقني وبَتّ طلاقي، فتزوّجتُ بعده عبد الرحمن بن الزُّبير، وإنَّ ما معه مثل هُدْبَةِ الثَّوب (٢) ، فتبسَّم صلى الله عليه وسلم وقال: «أتريدين أنْ ترجعي إلى رِفاعة»؟ قالت: نعم. قال: «لا حتّى تذوقي عُسَيْلَتَهُ ويذوقَ من عُسَيْلَتكِ». وفي لفظ للبخاري قال: كَذَبَتْ والله يا رسول الله، إنّي لأنفُضُها نفضَ الأديم (٣) ، ولكنها ناشزٌ تريد أن ترجع إلى رِفَاعة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فإن كان ذلك لا تَحِلِّين له حتّى يذوقَ من عُسَيْلَتِكِ». قال: وكان مع عبد الرحمن ابنان له من غيرها، فقال صلى الله عليه وسلم «بَنُوكَ هؤلاء؟». قال: نعم. فقال لها: هذا، وأنتِ تَزْعُمين ما تزعمين، فوالله لَهُمْ أشبهُ به من الغُراب بالغُراب».

وقد ثبت شرط الدّخول بإشارة النص، وهو أن يحمل النِّكاح على الوطاء حملاً للكلام على الإفادة دون الإعادة (٤) ، إذ العقد استفيد من إطلاق اسم الزّوج (٥) . وفي «المبسوط»: المقصود منع الزّوج من استكثار الطَّلاق، وذا لا يحصل بمجرد العقد، بل


(١) في المطبوع: أبي مالك المكي، والمثبت من المخطوط، وهو الصواب لموافقته ما في مسند الإمام أحمد ٦/ ٦١.
(٢) هُدْبَة الثوب: الهُدْبَة: هو طرف الثوب الذي لم ينسج، مأخوذ من هُدْبِ العين وهو شعر الجفن، وأرادت أن ذَكَره يشبه الهُدْبة في الاسترخاء أو عدم الانتشار. واستدل به على أن وطء الزوج الثاني لا يكون محللًا ارتجاع الزوج الأول للمرأة إلّا إن كان حال وطئه منتشرًا، فلو كان ذكره أشل - أي يَبِسَ فبطلت حركته أو ضَعُفت - أو كان هو عنينًا، أو طفلًا، لم يَكفِ على أصح قولي العلماء، وهو الأصح عند الشافعية أيضًا. فتح الباري ٩/ ٤٦٥.
(٣) أي أُجْهِدُها وأعرُكها، كما يُفعل بالأديم عند دِباغه. النهاية ٥/ ٩٨. والأديم وهو الجلد. المعجم الوسيط ص ١٠، مادة (أدم).
(٤) في المخطوط: العادة، والمثبت من المطبوع.
(٥) وذلك في قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>