للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكَاحُ بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ يُكْرَهُ ويُحِلُّ

===

بما فيه من المغايظة للزوّج، ودخول الثَّاني مباحٌ مُبْغَضٌ عند الزّوج الأول، كما أَنّ الاستكثار من الطّلاق مباحٌ مُبْغَضٌ أي عند الله ليكون الجزاء بحسب العمل أي {جزَاءً وِفَاقاً} (١) .

وفي «الأصل»: وإذا طلّق الرّجل امرأته ثلاثاً جميعاً، فقد خالف السُّنَّة وهي طالقٌ ثلاثاً، ولا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، ويدخلَ بها. بلغنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عليّ، وابن مسعود، وابن عبّاس، وغيرهم، إن دخل بها أو لم يدخل بها ـ أي الزّوج الأول ـ فهو سواء. وعن «المُشْكِلَات»: من طلّق امرأته غير المدخول بها ثلاثاً، فله أنْ يتزوّجها بلا تحليل، وأمّا قوله تعالى: {فإنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ منْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} (٢) ففي حقّ المدخول بها. انتهى. وهذه روايةٌ مردودةٌ بالغ ابن الهُمَام في تخطئة قائلها، بل قيل: بتكفيره.

وذكر التُّمُرْتَاشِيّ عن «فتاوى الوتري»: أنّ الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الجِماع لو أولج بمساعدة اليد لا تحلّ. وفي «العيون» و «الفتاوى الصغرى»: لو خافت أنّ يَظْهَر أمرها على المُحَلِّل تَهَب لبعض من تثق به مالاً يشتري به مراهقاً فيتزوّجها به بشاهدين ويدخل بها، ثم يهَب المشتري المملوك من المرأة فيبطل النِّكاح، وترسل المملوك إلى بلدٍ آخر وتبيعه، فلا يظهر أمرها بوطاء الزَّوج الثّاني.

وذكر التُّمُرْتَاشِيّ أنها إن خافت أن لا يطلّقها المحلِّل فقالت: زوّجتُك نفسي على أنّ أمري بيدي أطلق نفسي كُلَّمَا أردت، فقيل: جاز النِّكاح، وصار أمرها بيدها. ولو كانت المرأة مُفْضَاة (٣) لا تَحِلُّ للأول بعد دخول الثّاني إلاّ إذا حَبِلت، ليعلم أنّ الوطاء كان في قُبُلِها. ووطاء الذميّ الذميّة يُحِلّها، وبه قال الشّافعيّ وأحمد. وقال مالك: لا يُحِلّها بناءً على فساد أنكحتهم عنده.

(والنِّكَاحُ بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ) بأنْ يقول هو تزوّجتك على أنْ أُحَلِّلَكِ، أو تقول هي تزوّجتُك على أنْ تُحَلِّلَنِي (يُكْرَهُ ويُحِلُّ) بضم فكسر أي يثبت الحِلُّ. قيّد بشرط التحليل، لأنه لو لم يكن بشرطٍ بل كان بنيته لا يكره. قال المَرْغِينَانِيّ: ويُثَاب على ذلك إذا كان قصده به الإصلاح.


(١) سورة عمّ، الآية: (٢٦).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٢٣٠).
(٣) المرأة المفضاة: هي التي اختلط مسلكاها، يعني مسلك الذكر والغائط، وذلك بتمزّق الغشاء الفاصل بينهما. معجم لغة الفقهاء ص ٤٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>