للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما طَهَر جِلْدُه بالدِّباغِ طَهَرَ بالذَّكَاةِ، وكذا لَحْمُه وإِنْ لم يُؤكل، وما لا فلا. وشَعْرُ الميْتَة وسِنُّهَا

===

وأمَّا جِلْدُ الآدَمِيّ فلئلا يتجاسَرَ الناسُ على مَنْ كرَّمه اللهُ بابتذالِ أجزائه، ولأنه لا يجوزُ الانتفاعُ به لكرامتِه. وما لا يجوزُ الانتفاعُ به لا يُؤثِّرُ الدِّباغُ فيه (١) . وفي «المحيط»: الصحيحُ أنَّ عينَ الكلب ليس بنَجِس. وبه قال صاحبُ «الهداية». وفي «المبسوط»: الصحيحُ من المذهب عندنا أنَّ عينَ الكلبِ نَجِسٌ (٢) . وعند محمَّدٍ أن الفِيلَ كالخِنزِير، وعندهما كسائرِ السِّباعِ (٣) لِمَا في «سنن البيهقي»: عن أنس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَمْتَشِطُ بمُشطٍ مِنْ عاجٍ. والعاجُ: نابُ الفِيل كما في «المُحْكَم»، و: عَظْمُه كما في «الصِّحاح».

(وما طَهَر جِلْدهُ بالدِّباغِ طَهَر) أي جِلْدُه المفهومُ من الجِلْدِ المضافِ إلى الضميرِ الراجعِ إلى ما، لا ما، فتأمَّل، (بالذكاةِ) الشرعيَّة، لأنها مانعةٌ من تَشرُّبِ الجِلدِ بالرطوبات، كما أنَّ الدِّباغة رافعةٌ للرطوبات. وقَيْدُ الشرعيَّةِ لإِخراجِ ذَبْحِ المَجُوسيِّ مطلقاً (٤) والمُحْرمِ صَيْداً، فلا يَطْهُرُ بها الجلدُ، بل بالدَّبْغ، لأنها إماتة.

(وكذا لَحْمُه وإِنْ لم يُؤكل) لأنَّ الجلدَ يَطْهُر بالذكاة اتفاقاً، واللَّحمُ متَّصِلٌ به فلا يكون نَجِساً، وهو مُخْتارُ الكَرْخيِّ، وصاحبِ «الهداية»، و «التحفة»، وفي «المحيط»: وهو الصحيحُ من المذهب، وفي «البدائع»: وهو أقرَبُ إلى الصواب، لأنَّ النجاسة بالدَّمِ المسفوحِ وقد زالَ بالذكاة. وقال كثيرٌ من المشايخ: يَطْهُرُ جِلدُهُ بها ولا يَطْهُرُ لحمُه، كما لا يَطهُرُ بالدِّباغ. قال شارحُ «الكنز»: وهو الصحيحُ، واختاره صاحبُ «الغاية» و «النهاية».

(وما لا) يَطْهُرُ جِلْدُه بالدِّباغ (فلا) يَطْهُرُ جِلدُهُ بالذكاة.

(وشَعْرُ الميتَة) (٥) ورِيشُها، ووَبَرُها، وصُوفُها، وعَظْمُها (وسِنُّهَا) ومِنْقَارُها


(١) قال في "الدر المختار" ١/ ١٣٦: وآدمي - أي جلده - فلا يدبغ لكرامته، ولو دبغ طهر وإن حَرُم استعماله. وقال ابن الهمام في "فتح القدير" ١/ ٨٣: صرح في "الغاية" بأنه إذا دبغ جلد الآدمي طهر، لكن لا يجوز الانتفاع به كسائر أجزائه. وقولهما هو المحول عليه في المذهب خلافًا لما ذكره الشارح.
(٢) قال في "الدر المختار" ١/ ١٣٦: … وأفاد كلامه طهارة جلد كلب. وعلق عليه ابن عابدين بقوله: أما الكلب فبناءً على أنه ليس بنجس العين، وهو أصح التصحيحين.
(٣) وهو الأصح. انظر رد المحتار على الدر المختار ١/ ١٣٦.
(٤) أي سمى أو لم يُسَمِّ.
(٥) أي غير الخنزير.

<<  <  ج: ص:  >  >>