للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكُلٌّ صَلُحَ شَاهِدًا، أوْ نَفَى وَلَدَهَا وطَالَبَتْ بِهِ: لاعَنَ.

===

يكون لها ولدٌ لا يكون له أبٌ معروفٌ. والحاصل: أنها تكون ممّن يُحَدُّ قاذِفُها، فلو لم تكن ممّن يُحَدّ قاذفها: بأنْ تزوّجت بنكاحٍ فاسدٍ ودخل بها فيه، أو زنت في عمرها، أو وُطِئَت حراماً بشبهة ولو مرّة، ولا يجري اللّعان بينهما، لأنها في حقّها مقام حدّ القذف، فلا بدّ أنْ تكون مُحْصنةً.

(وَكُلٌّ) من الزّوجين (صَلُحَ شَاهِداً) أي مؤديًّا للشهادة على المسلم، فلا لعان من مجنونٍ ولا محدودٍ في قذفٍ لأنّهما لا يصلحان لأداء الشهادة ولا لتحمّلها، ولا من مملوكٍ وصبيَ لأنهما لا يصلُحان لأداء الشهادة وإنْ صَلُحا لحمّلها، ولا من كافرٍ لأنه لا يصلُح لأداء الشهادة على المسلم وإن صَلُحَ لأدائها على مثله عندنا، لكن مع ذلك يوجب حدّ القذف، لأنّ القذف بالزِّنا لا ينفك عن موجِبه، فإذا خرج من أن يكون موجباً للعان لمعنىً في القاذف كان موجباً للحدّ.

(أوْ نَفَى) الزَّوج (وَلَدَهَا) الذي وُلِدَ في فراشه، أو الذي من غيره عن أبيه المعروف، لأنه يصير بذلك قاذفاً. ولهذا يحدّ من قال لأجنبيّ: لست لأبيك. ولا إعتبار لاحتمال كونه من غيره لشبهةٍ، كما لا يعتبر ذلك فيما لو نفاه أجنبيّ، لأنّ الأصل في النَّسب النِّكاح الصحيح، والفاسد ملحقٌ به. ونفيه عن الفراش الصحيح قذفٌ حتى يظهر المُلْحَق به. وقال الشِّافعيّ لا يصير قاذفاً بالنفي ما لم يقل إِنه من الزِّنا.

(وطَالَبَتْ بِهِ) أي بموجِب القذف لأنّه حقّها لدفع عار الزِّنا عنها كما في حدّ القذف، إلاّ أنّ للولد أنْ يُطَالب في القذف لأنه حقّه أيضاً لاحتياجه إلى نَفْي نَسَبه عمّن ليس هو منه.

(لَاعَنَ) خبر المبتدأ وهو مَنْ قذف، وإنّما يُلاعن لِمَا روى البُخاريّ، ومسلم، ومالك في «الموطّأ»، وأبو داود، وابن ماجه من حديث ابن شِهَاب عن سَهْل بن سَعْد السَّاعِدِيّ، أن عُوَيْمِر العَجْلَانِيّ جاء إلى عاصم بن عَدِيّ، فقال له: يا عاصم أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه، أم كيف يصنع؟ سل لي يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها فلمّا رجع عاصم إلى أهله، جاء عُوَيْمِر فقال: يا عاصم ماذا قال لك رسول الله؟ فقال عاصم: كَرِه رسول الله المسائل التي سألته عنها ـ وفي نسخة سألتها ـ وعابها. فقال له عُوَيْمِر: والله لا أنتهي حتّى أسأله عنها، فأقبل عُوَيْمِر حتّى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وسط النّاس، فقال يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه، أم كيف

<<  <  ج: ص:  >  >>