للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا إنْ قَذَفَ غَيرَهَا فَحُدَّ، أوْ زَنَتْ فَحُدَّتْ. وَلا لِعَانَ بِقَذْفِ الأَخْرَسِ، وَنَفَي الحَمْلِ، وَبِـ: زَنَيتِ، و: هَذَا الحَمْلُ مِنْهُ، تَلاعَنَا، وَلَمْ يَنْتَفِ الحَمْلُ.

===

(ولهما: أنّ اللّعان شهادةٌ، وهي تبطل بالرجوع) (١) . (وَكَذَا) حَلّ نكاحها (إنْ قَذَفَ) الزّوج (غَيْرَهَا) بعد التّلاعن (فَحُدَّ أوْ زَنَتْ فَحُدَّتْ) لأنّ بقاء أهلية اللّعان شرط لبقاء حكمه من عدم اجتماعهما. وقوله: فَحُدّت قيدٌ اتفاقي، لأن زناهما من غير حدّ يسقط به إحصانها، بخلاف القذف فإنه لا يسقط به الإحصان حتّى يُحَدَّ القاذف.

(وَلَا لِعَانَ بِقَذْفِ الأَخْرَسِ وَنَفَي الحَمْلِ) أمّا الأخرس فلأنّ اللعن يتعلّق بالصّريح كحدّ القذف، ولا صريح للأخرس، فقذفه لا يَعْرى عن شبهة، والحدود تسقط بها. وقال مالك، والشّافعيّ، وأبو الخَطَّاب من الحنابلة: يصحّ قذف الأخرس ويلاعن بالإشارة كما يصحّ طلاقه وبيعه وسائر تصرفاته بالإِشارة. ولنا: أنّه لا بُدّ أن يأتي بلفظ الشّهادة في اللعن حتى لو قال: أحلف مكان أشهد لا يجوز، وإشارته لا تكون شهادة. ولا لعان أيضاً لو كانت المرأة خرساء لأنّ قذف الأجنبيّ لها لا يوجب الحدّ لاحتمال أنها تصدّقه، ولأنها عاجزةٌ عن الإتيان بلفظ الشهادة، وهو شرط في اللّعان.

وأمّا عدم اللّعان بنفي الحمل ـ وهو قول أبي حنيفة آخراً وأحمد، والثَّوْرِيّ، والحسن البَصْرِيّ، والشَّعْبِيّ، وابن أبي لَيْلَى ـ فلعدم التَّيقن بقيام الحمل، لاحتمال أنّ ما بها نفخٌ، فلم يكن قذفاً. وقال أبو يوسف ومحمد ومالك والشّافعيّ وأبو حنيفة أولاً: إِنه يلاعن إذا جاءت به لأقلّ من ست أشهرٍ، لأنا تيقنا بقيام الحمل عند نفيه له، فتحقق القذف. ثم لا يجب اللعان في الحال عندنا، وحكم مالك والشّافعيّ باللّعان قبل الوضع، لأنه قذَفها حقيقة بنفي الولد. قلنا: نفيه (لا يكون بدونه ولا يعلم به، فلعله ريحٌ أوْ ماءٌ أو انتفاخٌ. وقيل: يوجبه أبو يوسف في الولادة، ذكره الطَّحاوي) (٢) ، لقصة عُوَيْمِر.

(وَبِـ: زَنَيْتِ، وَ: هَذَا الحَمْلُ مِنْهُ) أي من الزِّنا (تَلَاعَنَا) في الحال لوجود القذف بذكر صريح الزِّنا (وَلَمْ يَنْتَفِ الحَمْلُ) أي نَسَبه باللّعان قبل الوضع. وقال مالك والشَّافعيّ: ينتفي الحمل لأنه عليه الصّلاة والسلام نَفَى الولد عن هلال، وكان قَذَفها حاملا .. ولنا: قول ابن الجَوْزِيّ: إنّ أحمد، وابن جَرير أنكرا لِعان هلال بالحمل، وقالا: إنما لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي أمرهما باللّعان ـ) (٣) لمّا جاء وشهد بالزّنا، ولو كان


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>