للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ نَفَى الوَلَدَ زَمَانَ التهنئة، أو زمان شراء آلَةِ الوِلادَةِ صَحَّ، وبَعْدَهُ لا يَصِحُّ، وَلاعَنَ فِيهِمَا.

وَإنْ نَفَى أوّلَ التَّوْأَمَيْنِ وَأَقَرَّ بِالآخَرِ حُدَّ، وَفِي عَكْسِهِ لاعَنَ، وَيَثْبُتُ نَسَبَهُمَا فِيهِمَا.

===

اللّعان بالحمل، لكان الحمل منفيًّا من الزّوج غير لاحقٍ به، أَشْبَهه أو لم يُشْبِهه. وقد قال صلى الله عليه وسلم «إن جاءت به أُحَيْمِر» ـ وفي نُسخة أحمرـ حَمْش السّاقين ـ أي دقيقهما ـ فهو لهلال، وإن جاءت به أسود جعْداً فهو لشَرِيكِ» (١) ، فجاءت به على النَّعت المكروه.

(وَمَنْ نَفَى الوَلَدَ زَمَانَ التهنئة، أو زمان شراء آلَةِ الوِلَادَةِ) وهو ما يحتاج إليه لأجلها عادة، فإنهما كزمان الولادة. قيل: إِنه مقصورٌ على ثلاثة أيامٍ، وقيل: على يوم أو يومين، وقيل: على سبعة (صَحَّ) نفيه (وبَعْدَهُ لَا يَصِحُّ) نفيه (وَلَاعَنَ فِيهِمَا) لوجود القذف.

وقال أبو يوسف ومحمد: يصحّ نفيه في مدة النِّفاس، وكان القياس أنْ لا يصحّ نفيه إلاّ على فور الولادة، وبه أخذ الشّافعيّ، ولكنَّهما استحسنا جواز تأخّره مدّةً يقع فيها التأمل، لأنّ النّفي يحتاج إليه، كيلا يقع في نفي ولده، أو استلحاق غير ولده، وكلاهما حرامٌ. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت آية الملاعنة: «أيّما امرأة، أدخلت على قوم مَنْ ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يدخِلها الجنة. وأيّما رجلٍ جَحَد ولده وهو ينظر إليه، احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه الله على رؤوس الأوَّلين والآخرين». رواه أبو داود، والنَّسائي.

ثم في كلّ موضعٍ لزمه الولد، لا يكون له نفيه بعد ذلك عند الأئمة الأربعة وأصحابهم، (وَإنْ نَفَى أوّلَ التَّوْأَمَيْنِ) وهما الولدان بين ولادتهما أقل من ستة أشهرٍ (وَأَقَرَّ بِالآخَرِ حُدَّ) لأنّه أكذب نفسه بدعوى الثَّاني، لأنّهما خلقا من ماءٍ واحدٍ (وَفِي عَكْسِهِ) وهو ما إذا أقرّ بالأوّل ونفى الثّاني (لَاعَنَ) لأنّه قذفٌ بنفي الثاني (وَيَثْبُتُ نَسَبَهُمَا) أي التَّوأمين (فِيهِمَا) أي في المسألتين لاعترافه بأحدهما، وهما من ماءٍ واحدٍ، والله تعالى أعلم.


(١) الرواية الأولى: أخرجها البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٨/ ٤٤٨ - ٤٤٩، كتاب التفسير (٦٥) سورة النور (٢٤)، باب {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ … } (١)، رقم (٤٧٤٥).
الرواية الثانية الموضع السابق: باب {يَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ … } (٣)، رقم (٤٧٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>