للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآيِسةٌ رَأَتِ الدَّمَ بعد عدة الأشهر، تستأنف بالحِيَض كما تستأنفُ بالشهور. مَنْ حاضت حيضةً ثم أيست، وعلى مُعْتَدَّة وُطِئت بشبهة عِدَّةٌ أخرى، وتداخلتا، فإذا تمَّ الأولى انقضى بعض الثانية.

===

وقال مالك: لا ينتقل ما يختلف بالرِّق والحرية، ويكون المعتبر فيه حال تقرر الوجوب، كالحدود وهو أحد قولي الشافعي.

(وآيِسةٌ) مبتدأ، أي منقطعةُ دمِ الحيض في سن الإياس وهو: خمسة وخمسون سنة، وعليه الفتوى (رَأَتِ الدَّمَ) على عادتها أو حَبِلت من زوج آخر (بعد عدة الأشهر) أي بعد فراغها (تستأنفُ) خبر المبتدأ، أي تبتداء عدة أخرى (بالحِيَض) بكسر ففتح، ويفسد نكاحها إن كانت تزوجت، لأنه تَبيَّن أنها من ذوات الأَقراء، وهذا هو الصحيح. وفي «النوازل»: إذا تزوجت الآيسة بعد تمام اعتدادها بالأشهر ثم رأت الدم، فالأصح أن نكاحها جائز، قضى القاضي بجوازه أو لم يقض، وتكون عدتها في المستقبل بالحِيض، (كما تستأنف بالشهور) أي اتفاقاً (مَنْ حاضت) من عدتها (حيضة) أو حيضتين (ثم أَيِسَتْ) أي بالسن، تحرزاً عن الجمع بين الأصل والبدل.

(وعلى معتدة) من طلاق أو غيره (وُطِئت بشبهة) كما لو تزوجها وهو لا يعلم أنها معتدة الغير، أو وجدها على فراشها وقال النساء: إنها زوجتك (عدة أخرى) وأما إذا علم أنها امرأة الغير، أو معتدته، فلا تجب العدة، حتى لا يحرم على الزوج وطئها وبه يُفْتى كما في «الذخيرة» (وتداخلتا) أي العدَّتان، فتُحْتَسب بالدم الذي تراه في العِدّة الأخرى من العدتين.

(فإذا تَمَّت الأولى انقضى بعض الثانية) حتى لو كان الوطاء بشبهة بعد حيضة من العدة، لزمها ثلاث حِيض أُخر، لتكون الحيضة الثالثة تكملةً للعدة الثانية، ولو كانت العدة من وفاةٍ فوطئت بشبهة تعتد بالأشهر، وتَحْتَسب بما تراه من الحيض فيها من العدة الثانية تحقيقاً للتداخل بقَدْر الإمكان، وهو قول معاذ بن جبل.

وقال مالك والشافعي وأحمد: إن كانت العدتان من شخص واحد تداخلتا إذا اتفقتا بأن لم يكن إحبالٌ، وكانت من ذوات الأشهر أو الأَقراء، وإن اختلفتا بأن كانت إِحداهما بالحمل، ففي تداخلهما وجهان، وإن كانت العدتان من شخصين لم تتداخلا، لأن العدتين حَقَّان مقصودان لآدميين، فلا تتداخلان، كالدِّيتين، والحدَّين، والمهرين.

ولنا أن المقصود التعرفُ عن فراغ الرحم، وقد حصل بالواحدة فتتداخلان، وإن العدة مجرد أجل، والآجال إذا اجتمعت تنقضي بمدة واحدة، كرجل عليه ديون إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>