للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعِدَّة النكاح الفاسِدِ عقيب تفريقِهِ، أو عزمه تَركَ الوطئ. وتنقضي العدة وإنْ جَهِلَتِ. وإن نَكَحَ مُعتدَّتَه من بائنِ وطلَّق قبل الوطء، وجب مهرٌ تامٌ وعِدَّةٌ مستقبَلَة، ولا عِدَّة على ذميَّة طلقها ذِميّ،

===

أجل، فإذا مضى حلّت كلها، وإنما قلنا إنها أجل لقوله تعالى: {وأُولاتُ الأحْمَالِ أجلُهنَّ أنْ يَضَعْنَ حَملهنَّ} (١) ، وقوله تعالى: {فإذا بَلغْنَ أجَلهنَّ فأمسِكُوهنَّ} (٢) ، وقوله تعالى: {حتى يَبْلُغَ الكتابُ أجله} (٣) وسمّاه تربصاً وهو الانتظار، وهو يكون بسبب الأجل كالانتظار في المطالبة بالدين إلى انقضاء الأجل.

(وعِدَّة النكاح الفاسِدِ عقيب تفريقِهِ، أو عَزْمه تَركَ الوطاء) بأن يقول: تركتك، أو خلَّيت سبيلك، أو ما يقوم مَقَام ذلك، لا بمجرد العزم أو بعدم المجيء إليها. وقال زفر: من آخر الوطآت، وبه أخذ أبو القاسم الصَّفَّار (وتنقضي العدة وإنْ جَهِلَتِ) المرأة ذلك، بأن لم تعلم وقوع الطلاق أو الموت حتى مضت المدة، لأن العِدَّة أجل وهو لا يشترط العلم بانقضائه.

(وإن نَكَحَ مُعتدَّتَه من بائنٍ) بما دون الثلاث (وطلَّق قبل الوطء، وجب مهرٌ تامٌّ وعدةٌ مستقبَلَة) (٤) عند أبي حنيفة وأبي يوسف وهو رواية عن أحمد. وقال زفر: يجب نِصف المهر أو المُتْعَة ولا عدة عليها. وقال محمد: نِصف المهر أو المُتْعَة وعليها تمام العدة الأولى، وهو قول الشافعي ورواية عن أحمد.

(ولا عِدَّة) عند أبي حنيفة (على ذميَّة طلقها ذِميّ) لا يعتقد العدة، أو مات عنها. وعنه: أنها لا توطأ إلا بعد حيضة. وعنه: أنها لا تُزَوَّج إلا بعد حيضة.

وقال أبو يوسف ومحمد: تعتد لأن في العدة حقَّ الزوج وإن كان فيها حق الشرع، ولهذا يجب على الصغيرة والكتابية مخاطبة بحقوق العباد (٥) .

ولأبي حنيفة: أَنْ الذمية غير مخاطبة بالفروع، فلا يجب العدة عليها لحق الشرع وزوجُها غيرُ مُعتقِد للعدة، فلا يجب عليها لحق الزوج. وأما لو اعتقدها وجب عليها العدة اتفاقاً.


(١) سورة الطلاق، الآية: (٤).
(٢) سورة البقرة، آية: (٢٣١).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٣٥).
(٤) المقصود هنا: الزوجة التي عقد عليها ولم يدخل بها.
(٥) عبارة المطبوع: "والكتابية محافظة لحقوق العباد"، وهو خطأ ظاهر، والمثبت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>