للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا مُعتدَّةُ عِتقٍ ونِكاح فاسدٍ.

ولا تُخطَب معتدَّةٌ إلا تَعْرِيضًا،

===

بالطيب ولا بالحِنَّاء، فإنه خِضَابٌ».

قلت: فبأي شيء أمتشط يا رسول الله، قال: «بالسِّدر تُغَلّفين به رأسك». وفي الصحيحين من حديث أم سَلَمة قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينَها أفَنَكْحُلها؟ فقال صلى الله عليه وسلم «لا» ـ مرتين أو ثلاثاً ـ كل ذلك يقول: «لا» ثم قال صلى الله عليه وسلم «إنما هي أربعة أشهر وعشر».

(لا) تَحِد (مُعتدَّة عِتقٍ و) معتدة (نِكاحٍ فاسدٍ) لأن الحِدَاد لإظهار التأسف على فَوَات نعمة النكاح، ولم يَفُتْها ذلك، ولأن زوال الرِّقِ نعمة، فلا يليق به التأسف، بل المناسب له الشكر لما زال (١) عنها من أثر الرِّق (٢) ، والنكاحُ الفاسد معصية، فيلزَمُها الشُّكْرُ على فَوْته لا التأسف.

(ولا تُخطَب معتدَّة) مطلقاً، لقوله تعالى: {ولا تَعْزِمُوا عُقْدَة النكاح حتى يَبْلُغَ الكتابُ أجلَه} (٣) ، (إلا تَعْرِيضاً) في المتوفى عنها لقوله تعالى: {ولا جُنَاح عليكم فيما عَرَّضتُم بهِ من خِطْبةِ النساء أو أكْننتُم في أنفسكم عَلِمَ اأنَّكُم سَتَذْكُرُونهنَّ ولكنْ لا تُوَاعِدُوهنَّ سِراً إلا أنْ تقولوا قَوْلاً مَعْرُوفاً} (٤) ، فقوله: {لا تُوَاعِدُوهنَّ سِراً} معناه: لا يأخذ عليها عهداً أو ميثاقاً أن لا تتزوج غيره. أسنده ابن أبي شيبة عن الشَّعبي، ونقله أبو بكر الرازي عن ابن عباس، وسعيد بن جُبَيْر، ومجاهد. وقال عبد الرزاق: حدثنا مجاهد عن أبيه، عن ابن عباس في قوله تعالى: {ولكنْ لا تُوَاعِدُوهنَّ سِراً} قال: يقول: إِنكِ من حاجتي. وأما ما في «الهداية:» قال عليه الصلاة والسلام: «السِّرُّ النِّكاح»، فغير معروف رَفْعه.

وأما المطلَّقة فلا يجوز التعريضُ فيها: أما الرجعية فلقيام الزوجية، وأما البائن فلإفضائه إلى العَدَاوة في مُطلِّقها. والأظهر في مذهب الشافعي: أنه يجوز التعريض في البائن إلحاقاً لها بالمُتوفى عنها.

وصفة التعريض ما روى البخاري في كتاب النكاح: عن ابن عباس في قوله


(١) عبارة المطبوع: "به التأسف على فوات ما زال عنها".
(٢) في المطبوع والمخطوط: الكفر. والمثبت من هامش المخطوطة.
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٣٥).
(٤) الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>