وإذا لم يكن له عصبة يُدفع إلى الأخ لأم، ثم إلى ولده، ثم العمّ لأُم، ثم إلى الخال لأبوين، ثم لأب، ثم لأم، لأن لهؤلاء ولاية عند أبي حنيفة رحمه الله.
ثم التَّدْبير (١) في ذلك إلى القاضي يدفعه إلى ثقةٍ تَحْضُنُه حتى يستغني.
(ولا) إلى (فاسقٍ مَاجِنٍ) وهو مَنْ لا يبالي قولاً ولا فعلاً، لأنه غير مأمون عليها، ولا إلى غير مأمونة أيضاً من النساء. وفي «المبسوط»: لو اجتمعت إخوة أو أعمام في درجة، فأولاهم أكثرهم صلاحاً وورعاً، فإن استَوَوا فأكبرهم سِناً (ولا يُخيَّر طِفْلٌ) غلاماً كان أو جارية. وقال الشافعي: يُخير في سبعٍ أو ثمانٍ.
وقال أحمد: في سبع، لما روى أصحاب «السنن الأربعة»: من حديث هلال بن أُسامة، عن أبي مَيْمُونة سُليم ويقال: سلمان مولى من أهل المدينة، رجل صدق، قال: بينما أنا جالس مع أبي هريرة جاءته امرأة فارسية معها ابن لها، وقد طلقها زوجها، فقالت: يا أبا هريرة ورطنت بالفارسية ـ أي: تكلَّمَتْ بلسان أهل الفرس من العجم ـ زوجي يريد أن يذهب بابني فقال أبو هريرة: استهما عليه ـ أي اقترعا ـ ورطن لها بذلك. فجاء زوجها، فقال: مَنْ يُحاقُّني ـ بتشديد القاف، أي ينازعني في ولدي ـ فقال أبو هريرة: اللهم إني لا أقول هذا إلا أني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده، فقالت يا رسول الله: إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عِنَبَة وقد نفعني. فقال صلى الله عليه وسلم «استهما عليه»، فقال زوجها: مَنْ يُحَاقُّني في ولدي، فقال صلى الله عليه وسلم «هذا أبوك وهذه أمك، فخذ بيد أيِّهما شئت». فأخذ بيد أمه، فانطلقت به. وعِنَبة مفردة الأعناب.
وروى أبو داود في الطلاق، والنسائي في الفرائض من حديث عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن جده رافع بن سِنان: أنه أسلم وأبتِ امرأتُه أن تُسْلم، فجاء بابن لهما صغير لم يبلغ، فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الأب ههنا، والأم ههنا ثم خَيَّره، وقال:«اللهم اهده»، فذهب إلى أبيه.
ولنا ما روى مالك في «الموطأ» من حديث يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال: كانت عند عمر امرأة من الأنصار فولدت له عاصماً، ثم فارقها عمر، فركب عمرُ يوماً إلى قُباء، فوجد ابنه يلعب بفِناء المسجد، فأخذه بعضُدِه فوضعه بين
(١) المُدبِّر: الرقيق الذي عُلِّق عِتقُه على موت سيده. معجم لغة الفقهاء ص ٤١٨.