والأمُّ والجَدَّةُ أحقُّ به حتى يأكلَ ويشرَبَ، ويَلْبَسَ، ويستنجِيَ وَحْدَهُ، وبالبنتِ حتى تَحيضَ. وعن محمد حتى تُشتَهى،
===
يديه على الدابة، فأدركته جدة الغلام فنازعته إياه، فأقبلا حتى أتيا أبا بكر، فقال عمر: ابني، وقالت المرأة: ابني. فقال أبو بكر: خلِّ بينه وبينها، فما راجعه عمر الكلام. ورواه البيهقي وزاد: ثم قال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تُوَلَّه والدة عن ولدها»، وفي نسخة:«على ولدها». وقوله:«لا تولَّه» بضم ففتح فتشديد لام مفتوحة: أي لا تُخير. ولأنه طفل غير رشيد ولا عارف بمصلحته، فلا يعتمد اختياره كسائر تصرفاته.
وأجيب عن حديث حُميد بأنه وفق ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم لاختيار الأنظر له، فلا يقاس عليه غيره. وعن حديث أبي هريرة بأنه صلى الله عليه وسلم أمرهما بالاستهام: وهو متروك بالإجماع، فكذا التخيير، بدليل قول الصِّدِّيق لعمر فتدبر. وبأن قولها:«إن زوجي»، يدل على أنها كانت غير مُطلَّقة، وبأن قولها: قد سقاني من بئر أبي عِنبَة يدل على أنه كان بالغاً، لأنها بئرٌ بالقُرْب من المدينة لا يتأتى الاستقاء منها إلا للبالغ، وهو ينفرد بالسُّكنى، فيكون عند أيهما أَراد. والحاصل: أنه حكاية حالٍ فلا يُحتج بها.
(والأم والجدة أحق به) أي بالصبي (حتى يأكل ويشرَب، ويلبَسَ، ويستنجِيَ وحدَهُ) وقدّر الخصّافُ ذلك بسبع سنين، اعتباراً للغالب وعليه الفتوى. وعند مالك الأم أحق بالغلام حتى يحتلم. وعند الشافعي يُخيّر الولد في سبع أو ثمان، فإذا اختار الغلام أُمَّه كان عندها بالليل، وعند الأب بالنهار. وأما البنت فتكون عند مَنْ اختارته ليلاً ونهاراً. وقال أحمد وإسحاق: يُخير الولد في سبع، فإذا اختار أحدهما وسُلِّم إليه، ثم اختار الآخر فله ذلك وردَّ إليه، فإن عاد فاختار الأول أُعيد إليه هكذا.
وأما المعتوه فلا يُخيَّر ويكون عند الأم، لأنها أشفقُ عليه، وإنما كان للأب أن يأخذ عاقلاً متميزاً لأنه يحتاج إلى التخلّق بأخلاق الرجال وآدابهم في الأحوال، والأب أقدر على ذلك من الأم والجدة، ولو امتنع الأب عن أخذه أُجبر، لأن نفقته عليه.
(وبالبنت) عطف على «به» أي والأم والجدة أحق بالبنت (حتى تحيض) لأنها قبل الحيض تحتاج إلى معرفة آداب النساء من الغَزْل، والطبخ، والغسل. والأم والجدة أقدر على ذلك، وبعد الحيض تحتاج إلى الصيانة، والأب أقدر عليها، وإلى التزويج وهو إِلى الأَب دونهما.
(وعن محمد) في «نوادر هشام»: (حتى تُشتَهى) وبنت إحدى عشر سنة تُشتهى في قولهم جميعاً. وقال أبو الليث: بنتُ تسع سنين، وعليه الفتوى. وقال مالك: