للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَدْرِ حالِهِما، فتجبُ في المُوسِرِيْن نفقَةُ اليَسَار، والمُعْسِرِين نفقةُ الإِعسَار. وفي المُوسِرِ والمُعسِرَة وعَكْسه بين الحَالين

===

ولنا: أن النفقة لاحتباس مستحق بعقد النكاح ينتفع به الزوج في الجماع ودواعيه، والصغيرة لا تصلُح لذلك، حتى لو كانت مُشتهاة يمكن جماعها فيما دون الفرج، وجبت نفقتُها.

(بِقَدْرِ حالهما) أي حال الزوج والمرأة. وهذا اختيار الخصَّاف، وعليه الفتوى، وهو قول أحمد (فتجبُ في المُوسِرِيْن نفقة اليَسَار) أي الغنى والسَّعَة، (و) في (المُعْسِرِين نفقة الإِعسَار) (١) أي الفقر والقناعة (وفي المُوسِرِ والمُعسِرَة وعكسه) وهو المُعسِرُ والمُوسِرَة (بين الحالين) أي دون نفقة اليَسار وفوق نفقة الإعسار بلا إسراف ولا تقتير، إذ خير الأمور أَوسطها. قال الله تعالى: {والذين إذا أنفَقُوا لم يُسْرِفُوا ولم يَقْتُروا وكان بين ذلك قَوَاماً} (٢) .

ثم كما تفرض لها قدر الكفاية من الطعام، فكذلك من الإدام، لأن الخبز لا يُتُناول عادة إلا مأدُوماً. وجاء في تأويل قوله تعالى: {من أوسَطِ ما تُطْعِمونَ أهْلِيْكم} (٣) أن أعلى ما يُطعم الرجل أهله الخبزُ واللحم، وأوسطَهُ الخبزُ والزيت، وأدناه الخبز واللبن. وأما الدُّهن فلا يُستغنى عنه خصوصاً في ديار الحَرِّ، فهو من أصل الحوائج كالخبز. وقال الشافعي: بقدْر حال الزوج، وهو اختيار الكَرْخي.

وفي «الذخيرة» و «المبسوط»: أَنه ظاهر الرواية، لقوله تعالى: {وعلى المُوْسِعِ قَدَرُه وعلى المُقْتِرِ قَدَرُه} (٤) ، وقوله سبحانه: {ليُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِه ومَنْ قُدِرَ عليه رِزْقُه فَلْينفِقْ مما آتاه الله لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إلا ما آتاها سيَجْعلُ الله بعد عسرٍ يسراً} (٥) ، ولأنها لمّا زوجت نفسها من معسرٍ فقد رضيت بنفقة المُعْسِرِين.

وقال مالك: بقدر حال المرأة، لما روى الجماعة إلا الترمذي من حديث عائشة: أن هنداً بنت عُتْبة قالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) في المطبوع: "العسار".
(٢) سورة الفرقان، الآية: (٦٧).
(٣) سورة المائدة، الآية: (٨٩).
(٤) سورة البقرة، الآية: (٢٣٦).
(٥) سورة الطلاق، الآية: (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>