للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو في بيتِ أَبِيها، أو مَرِضت في بيتِ الزَّوْج، لا لناشِزَةٍ خَرَجَت من بيتِه،

===

«خذي ما يكفيك وولدَك بالمعروف».

ولنا أن الكتاب يقتضي أنها بِقَدْر حال الزوج. وحديث هند يقتضي أنها بقدر حال المرأة، فقلنا: إنها بقدر حالهما عملاً بالدليلين. لكن قد يقال: إن الحديث ليس فيه دلالة على إِعسار الزوج وإيسار المرأة، بل على إيساره و (بخله) (١) عليها بحسب اقتداره.

هذا، وتجب النفقة أيضاً (ولو) كانت هي (في بيت أبيها) ولم يطلب الزوج انتقالها إلى منزله، لإطلاق النصوص. وعن أبي يوسف ـ: وهو اختيار القُدُورِيّ وبعض المتأخرين من علماء بلخ ـ: أنها لا تستحق النفقة حتى تُزَفَّ إلى منزل الزوج، وكأنهم بَنَوا أمرها على العرف.

(أو مَرِضت في بيت الزوج) بأن زُفَّت إليه صحيحة فمرضت في بيته. والقياس: أن لا نفقة لها إذا كان ذلك المرضُ مانعاً من الجماع. ووجه الاستحسان: أنه يَستأنِسُ بها ويتمتع بمسها، ومانع المرض عارض، فأشبه الحيض. وفي قوله: في «بيت الزوج» إيماءٌ إلى أنها لو مرِضت ثم سلَّمت نفسها، لا تجبُ النفقة، لأن التسليمَ لم يصح، وهو مروي عن أبي يوسف، قالوا: وهو حسن.

(لا) تجب النفقة (لناشِزَةٍ خرجت من بيته) الذي تسكن معه فيه، أو مُنِعت من الدخول إلى منزلها الذي يسكن معها فيه بغير حق. أما إن خرجت لأنه لم يعْطِها المهر المعجَّل أو لأنه ساكنٌ في مغصوبٍ، أو منعتهُ من الدخول إلى منزلها الذي يسكنُ معها فيه لاحتياجها إليه، وكانت سأَلته أن يحوِّلها إلى منزله، أو يكتري لها منزلاً آخر ولم يفعل: لم تكن ناشزة. وإنما اعتبر في الناشزة عدم الإقامة في المنزل، لأن الظاهرَ أنه يقدر على وطء المقيمة، لأن البكرَ لا تُوطأ إلا كَرْها.

والدليلُ على وجوب النفقة وإن كان مُطْلقاً، لكن خرجت الناشزة بِدَلالة النص. وهو قوله تعالى: {واهْجُرُوهُنَّ في المَضَاجِعِ} (٢) حيث أُمِر بمنع حقها من الصحبة التي هي مشتركة بينهما، فأولى بمنع النفقة التي هي مختصة لها. ومن اللطائف أنه قيل لشُرَيْح: هل للناشزة نفقة؟ فقال: نعم، فقيل: كم؟، فقال: جِرَابٌ من تراب.


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) سورة النساء، الآية: (٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>