للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَنْ فُرِضَت لعَسَاره فأيَسَر تمّم نَفَقةَ يَسَارِه إنْ طَلبَت.

وتسقطُ في

===

مُعْسِر بحق، وقوله تعالى: {وأنكِحُوا الأيَامَى منكم والصَّالِحين من عِبَادِكُم وإمائِكم إنْ يكونوا فُقَراءَ يُغْنِهم امِنْ فَضْلِهِ} (١) حيث جعل الفقر غير مانع من النكاح ابتداءً، فَلأَن يكون غير مانع منه بقاءً أولى، وقوله سبحانه: {لا يُكلِّفُ انَفْساً إلا ما آتاها سَيَجْعلُ ابعد عُسْرٍ يُسْراً} (٢) حيث دل على أن مَنْ لم يقدر على النفقة لم يُكلَّفْها، فلا يفرَّق لعجزه عنها، ولأن في التفريق إبطال مِلك الزوج، وفي الأمر بالاستدانة تأخير حقها وهو أهون له، فكان أولى وأحسن.

وفي «شرح المختار»: المعسِرة إذا كان زوجها مُعسِراً ولها ابن مِنْ غيرِ موسِر، أو أخ موسر، فنفقتها على زوجها، ويؤمر الابن أو الأَخ بالإنفاق عليها، ويرجع به على الزوج إذا أيسر، ويُحْبَس الابن أو الأخ إذا امتنع، لأن هذا من المعروف.

وفي «شرح الوقاية»: وأصحابنا لما شاهدوا ضرورة الناس إلى التفريق، لأن دَفْع الحاجة الدائمة لا يتيسر بالاستدانة ـ والظاهر أنها لا تجد من يقرضها وغِنى الزوج في المال أمر مُتَوهم ـ استحسنوا أن ينصب القاضي نائباً شافعي المذهب يفرق بينهما. انتهى.

ثم العجز عن النفقة إنما يظهر في حق الزوج الحاضر، وأما الغائبُ غَيْبةً منقطعةً إذا لم يُخلِّف نفقة ورفعت أمرها إلى حاكم شرعي وفرق بينهما، فقال مشايخ سمرقند: جاز تفريقه، لأنه قضى في فصلين مُجْتهدٍ فيهما: أحدهما: التفريق بالعجز عن النفقة، والآخر: القضاء على الغائب. وقال صاحب «الذخيرة»: الصحيح أنه لا يصح قضاؤه، لأن العجزَ لا يُعرف في حال الغَيْبةِ، لجواز أن يكون قادراً، فإذا رُفع هذا القضاء إلى قاضٍ آخر فأمضاه، فالصحيح أنه لا ينفذ، لأن هذا القضاء ليس في فصلٍ مجتهد فيه إِذْ العجز لم يثبت. انتهى. والمشهور في مذهب الشافعي: أنه لا يفرّق بين المرأة وبين زوجها الغائب، ولو غاب عنها مدة طويلة ولم يترك لها نفقة، وإنما يُنسَب هذا إلى الحنابلة. والله سبحانه أعلم.

(ومَنْ فُرِضَت) النفقة (لعَسَاره فأيسر تمّم) وفي بعض النسخ: أتم (نفقة يَسَاره إنْ طلبت) المرأة، ومن فرضت ليساره فأعسر، فعليه نفقة عَسَاره، لأن القضاء بالنفقة كان باعتبار حالهما، وقد تبدلت حاله، فتبدلت بتبدلها. (وتسقط) نفقة الزوجة (في


(١) سورة النور، الآية: (٣٢).
(٢) سورة الطلاق، الآية: (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>