للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولا نفقة، وأمرني أن أعتدَّ في بيت ابن أم مَكْتُوم. وعند النَّسَائي فيه من حديث سعيد ابن يزيد الأحْمَسي: حدثنا الشَّعبي به: إنما النَّفقة والسُكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة. وفي مسلم: أن أبا عمرو بن حَفْص بن المُغِيْرة خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن، فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها، وأمر لها الحارث بن هشام، وعَيَّاش بن أبي ربيعة بنفقة فسَخِطَتْهَا، فقالا: لا والله ليس لك نفقة إلا أن تَكُوني حاملاً، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرتْ له قولَهُما، فقال: «لا نفقة لك». وزاد أبو داود: «إلا أن تَكُوني حاملاً».

ولنا إطلاق قوله تعالى: {أسْكِنُوهنَّ مِنْ حيثُ سَكَنْتُم من وُجْدِكُم} (١) ، وما روى مسلم من حديث أبي إسحاق قال: حدَّث الشَّعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا سُكنى لها ولا نفقة». فأخذ الأسود كفاً من حصى ـ وفي نُسخة: حَصْبَاء ـ فَحَصَبَه به وقال: ويْلَك تُحدِّث بمثلِ هذا. قال عمر: لا نتركُ كتابَ الله ولا سنةَ نبينَا بقولِ امرأة، لا ندري أحفظتْ أم نسيت، لها السُّكْنى والنفقة، قال الله تعالى: {ولا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهنَّ} (٢) الآية. فقد أخبر أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لها النفقة والسكنى، ولا ريب في أن قول الصحابي: «من السنة كذا» رَفْعٌ، فكيف إذا كان قائله عمر.

وقد صرح (٣) البيهقي والدارقطني بزيادة قوله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «للمطلقة ثلاثاً النفقة والسكنى». وقال إبراهيم كان عمرُ إذا ذكر عنده حديث فاطمة قال: ما كُنَّا نغيِّر في دِيننا بشهادة امرأة. فهذا شاهدٌ على أنه كان الدِّينُ المعروف المشهورُ عندهم وجوب النفقة والسكنى. فَنُزِّل حديثُها من ذلك بمنزلةِ الشَّاذ. والثِّقة إذا شذ لا يُقبل ما شذ فيه. ويُصرح بهذا ما في مسلم من قول مروان: لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة، سنأخذ بالعِصمة التي وجدنا الناس عليها، والناس إذ ذاك هم الصحابة.

وروى مسلم أيضاً من حديث عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت في فاطمة: لا خير أن لها في ذِكْر هذا، تعني قوله: لا سُكنى لك ولا نفقة. وفي لفظ للبخاري: قالت: ما لفاطمة أَلا تتقي الله، تعني في قولها: لا سُكْنى لك ولا نفقة. وعنها: أنها قالت لفاطمة: إنما أخرجك هذا للسان، يعني أنها إنما


(١) سورة الطلاق، الآية: (٦).
(٢) سورة الطلاق، الآية: (٢).
(٣) في المطبوع: "خرّج" بدل "صرح".

<<  <  ج: ص:  >  >>