للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يشارِكُه أحدٌ كنفقةِ أبوية وعِرْسِه.

وليس على أُمِّه إرضاعُهُ إلا إذا تعينَتْ، ويستأجِرُ الأب مَنْ يُرْضِعُهُ عندها. ولو استأجَرَها مَنْكُوحَةً له أو معتدةً من رَجعي لتُرْضِعَه، لم يَجُزْ وفي المَبْتُوتةِ روايتان.

===

وكذا يجب عليه نفقة طِفلٍ ابنهِ فقيرين (لا يشاركه) (١) أي الأب في نفقة طِفْله (أحد) من الأم ونحوها (كنفقة) أي كما لا يشاركه أحد في نفقة (أبويه وعِرْسه) وعن أبي حنيفة أن نفقة الطفل على الأب والأم أثلاثاً بحسب ميراثهما. قيد بالأب لأن الجد والأم يشاركهما غيرهما، لأن نفقة الطفل عليهما على قَدْر ميراثهما في ظاهر الرواية. وبه قال أحمد. وروى الحسن عن أبي حنيفة أنها على الجد وحدَه، وهو قول الشافعي.

(وليس على أُمه إرضاعُهُ) قضاءً، لأنه من النَّفقة وهي على الأب. قيدنا بالقضاء لأن عليها إرضاعه ديانةً، كخدمة البيت من الكَنْسِ، والطبخ، والخَبز (إلا إذا تعينَتْ) بأن لم يوجد غيرها، أو وجد ولم يقبله الطفل، أو كان الأب مُعسِراً، فإنها تُجبرُ على إرضاعه صِيَانة للولد عن الضياع. وأوجب مالك على الأم إرضاع ولدها بلا أُجرة إذا كانت تحته، أو طُلِّقت رجعية ولا مانع، كأن تكون عالية القدر.

ولنا أن الإرضاع كالنفقة، ونفقة الصغير على الأب دون الأم، فكذا الإرضاع، وربما لا تقدر عليه لعذر بها، فلو أُجبِرَت تضررت، وقد قال الله تعالى: {لا تُضَارَّ والدةٌ بِوَلَدِهَا} (٢) أي بإلزامها الإرضاع مع كراهتها. كذا قرّروه، والظاهر أن الأعذار تمنع الإجبار من غير خلاف للإضرار.

(ويستأجِرُ الأب مَنْ يُرْضِعُهُ عندها) إن أرادت ذلك، لأن لها الحضانة (ولو استأجَرَها) أي الأب الأمَّ حال كونها (مَنْكُوحَةً له أو معتدةً من رَجعي لتُرْضِعَه لم يَجُزْ) لأن الإرضاع مُستَحَقَ عليها ديانة بقوله تعالى: {والوَالِدَاتُ يُرضِعنَ أولادَهنَّ حَوْلَيْنِ} (٣) واستئجار الشخص لأمر مُستَحقَ عليه لا يجوز. وأجازه الشافعي، لأنها كالأجنبية بالنسبة إلى هذه الأعمال، ولذا لو امتنعت عنه لم تُجبر عليه، فيصح إجارتها نفسَها، كما يصح لإرضاع ولد له من غيرها.

(وفي) استئجار الأم (المبتوتة) المعتدة (روايتان) الجواز، لأن النكاح قد زال فالتحقت بالأجانب، وعدمه وهي رواية الحسن عن أبي حنيفة، لأن العِدَّةَ من أحكام


(١) في المخطوط: "لا يشركه".
(٢) سورة البقرة، آية: (٢٣٣).
(٣) سورة البقرة، آية: (٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>