للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلإِرضاعِهِ بعد العِدّة صحّ، وهي أَحقُّ من الأَجنبية إِلا أَن تَطلُبَ زيادةَ أَجرٍ.

ونفقةُ البنتِ بالغةً والابنِ زَمِنًا على الأبِ خاصَّةً، وبه يُفتى. وعلى المُوسِر يَسَارَ الفِطْرَةِ

===

النكاح، ولهذا يجب لها النفقة والسُّكنى، ولا يجوز للزوج أن يدفع الزكاة إليها، ولا أن يشهد لها.

(وَلإِرضَاعِهِ) عطف على لِتُرضعه، أي ولو استأجرها (بعد العِدّة) لإرضاع ابنه منها، أو لابنه من غيرها وهي في نكاحه (صَحَّ)، لأن الإرضاع ليس بمُستَحقَ عليها (وهي) أي الأم بعد العدة (أَحق من الأَجنبية) لأنها عليه أشفق، ولبنها له أوفق (١) ، وهي به أرفق، فكانت أحق (إلا أن تطلبَ) الأم (زيادة أجر) على الأجنبية دفعاً للضرر عن الأب، أو تكون الأجنبية ترضعه بغير أجر والأم بأجر، لقوله تعالى: {لا تُضَارَّ وَالدةٌ بِوَلَدِهَا ولا مُوْلُودٌ له بِوَلَدَهِ} (٢) . قالوا: مُضارَّة الأب إلزامه الزيادة على أجرة الأجنبية، وقد قال الله تعالى: {وإن تَعَاسَرْتُم فَستُرضعُ له أخرى} (٣) .

(ونفقةُ البنت بالغةً) ليس لها زوج (والابن) بالغاً (زَمِنَاً) إذا كانا فقيرين، وكذا إذا كان أعمى، أو ذاهِبَ العقل فقيراً، أو طالبَ علم لا يهتدي إلى الكَسْب، أو من ذوي البيوت وأبناء الكِرَام، أو لا يجد من يستأجر، فهو عاجزٌ. قال الحَلْواني: ورأيت في موضع أن هذا إن كان بهم رشد (على الأب خاصة) لأنه لا يشاركه أحد في مؤنة رضاعهما صغيرين، فكذا في نفقتهما كبيرين (وبه يُفتى)، ومختار الخَصَّاف وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة: أنها تجب أثلاثاً: ثلثان على الأب وثلث على الأم.

(وعلى المُوسِر يَسَارَ الفِطْرَة) وهو أن يَملِكُ نِصَاباً من أي مال كان، فاضلاً عن حاجته الأصلية، لأنه المعتبر لوجوب المواساة في الشرع ولو كان كسوباً، وهذا عند أبي يوسف. وعند محمد: تقدير اليَسَار هنا بأن يَفضُلَ عن نفقته ونفقة عياله شهراً إن لم يكن من أهل الحِرَف، وعن نفقتِهِ ونفقة عِيَاله كل يوم إن كان من أهلها، حتى لو اكتسب درهماً كل يوم وكفاه بعضه يجب صرف باقيه إلى قريبه. قال صاحب «التحفة»: قول محمد أرفق.

وجعل في «الهداية» الفتوى على قول أبي يوسف. وعند الشافعي بأن يَفضُلَ عن قُوتِهِ وقوت عياله ما يُصرف إلى قريبه.


(١) في المطبوع: "أرفق".
(٢) سورة البقرة، آية: (٢٣٣).
(٣) سورة الطلاق، الآية: (٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>