للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ذَكَرٍ زَمِنٍ، أو أعمى، على قدْرِ الإِرْثِ،

===

لقراءة ابن مسعود: «وعلى الوارِثِ ذي الرَّحِمِ المَحْرَم مثلُ ذلك» فقيِّدَ المطلق به، إذ قراءته لا تنزل عن رواية، ومن يكون محتاجاً من الوارثين يُجعل في حكم المعدوم (أو ذَكَرٍ زَمِنٍ، أو أعمى: على قدْرِ الإرث).

وعند الشافعي لا يجب غير نفقة الوِلاد، فلا تجب النفقة لغير الوالدين والمولودين، لأن استحقاق الصِّلة عنده باعتبار الولاد دون القرابة، حتى لا يَعْتِقُ أحدٌ على أحد إلا الوالدان والمولودون عنده. وجعل قَرَابة الإخوة كقرابة بني الأعمام، وحمل قوله تعالى: {وعلى الوارِثِ مِثْلُ ذلك} (١) على نفي المُضارَّة دون النفقة. وهو مروي عن ابن عباس. وقيل: المراد بالوارث وارث الأب، وهو الصبي نفسُه. والمعنى: أنه مات أبوه وورثه، وجبت أجرة رضاعه في ماله إن كان له مال، وإن لم يكن له مال أجبرتِ الأم على إرضاعه. وقيل: المراد به الباقي من الأبوين من قوله صلى الله عليه وسلم «واجْعَلْه الوَارِثَ مِنَّا» (٢) .

وأجيب بأن الإشارة بذلك للبعيد، وهو هنا وُجوبُ الرزق والكسوة على الأب. ونفي المُضارَّة لا يختص بالوارث، بل يجب على غيره أيضاً، فلا تحمل الآية عليه، بدليل قول عمر وزيد، فإنهما قالا: {وعلى الوَارِثِ مِثْلُ ذلك} من النفقة.

ثم اعلم أن مالكاً قصر النفَقَة على الصُلْبيّ، أي قريب الوِلاد بلا واسطة، حتى لا يجب عنده نفقةُ جِدَ ولا جدّةٍ، ولا ولد ولد، بل يجبُ على الأب نفقة ولده المحصور (الفقير) ( ٢) على قدر حاله حتى يحتلم، عاقلاً غير زَمِنٍ بما يمنع التكسّب. وعلى الولد كبيراً كان أو صغيراً، ذكراً كان أو أنثى: نفقة أبويه الفقيرين، صحيحين كانا أو زَمِنَيْن، مسلمين أو كافرين، لأن إنفاقَه على من يثبت بينه وبين جزئية بلا واسطة، كأنه إِنفاقٌ (٣) على نفسه، فيجب بخلاف غيره.

وقال ابن أبي ليلى: تجب النفقة على كل وارث مَحْرماً كان أو غير محرم. واستدل بظاهر قوله تعالى: {وعلى الوَارِثِ مِثْلُ ذلك}.

ولنا ما قدّمنا من قراءة ابن مسعود: «وعلى الوَارِثِ ذي الرَّحِمِ المَحْرَمِ مِثْلُ ذلك» فقيَّدَ المطلق به، ولأنه الذي يَحرُم قطعُه. ومنعُ النفقةِ مع يَسَار المنفقِ يؤدي إلى قطيعة


(١) سنن الترمذي ٣/ ٤٩٣ - ٤٩٤، كتاب الدعوات (٤٥)، باب (٧٩)، رقم (٣٥٠٢).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع: إِنفاقه، وما أَثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>