للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُعْتبرُ أهليةُ الإرْث لا حقيقَتُه، فنفقةُ مَنْ له خالٌ وابنُ عمِّ على الخالِ، ولا نفقَةَ مع الاختلافِ دِيْنًا إلا للزوجةِ والأصولِ والفُروعِ،

===

الرَّحِمِ، وهي من الملاعِنِ، قال الله تعالى: {أولَئكَ الذيْنَ لَعَنَهم الله} (١) وقد ورد: «الرَّحِمُ معلقةٌ بالعرش تقول: مَنْ وصلني وَصَلَه الله، ومَنْ قَطَعَني قَطَعَه الله». رواه مسلم عن عائشة.

وشَرطَ الصِّغر أو الفقر أو (٢) الزَّمَانَة لتحقق العجز، فإِن هذه الأمور أمَارَةُ الحاجة. وروى الطبراني بإسناد حسن من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اليد العُليا أفضل من اليد السُّفلى، وابدَأْ بِمَنْ تَعُول: أُمَّكَ، وأَباكَ، وأختكَ وأخاك، وأدنَاك فأدناك». وهو في «الصحيحين» وغيرهما بنحوه من حديث حكيم بن حِزَام. وروى الطبراني في «الأوسط» من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أنفق المرءُ على نفسِهِ، وأهله، وولده، وذي رَحِمِهِ وقَرَابَتِهِ، فهو له صدقة».

(ويعتبر) في نفقة ذي الرحم المحرم (أهلية الإرث لا حقيقته) لأن حقيقة الإرث لا تُعلم إلا بعد الموت، وحينئذٍ تسقط النفقة، (فنفقة مَنْ له خالٌ وابن عم على الخال) لأنه ذو رحم محرم، يمكن أن يرث ممن له النفقة بناءً على توريث ذوي الأرحام، بأن يموت ابن العم قبله. وإِن استويا في المَحْرَميَّةِ والأهليةِ للإرث تَرَجَّحَ مَنْ كان وارثاً في الحال، فلو كان له عم وخال، أو عم وعمة، تجب النفقة على العم، لاستوائهما في المحرمية، وتَرَجَّحَ العمُّ بكونه وارثاً في الحال بالنسبة إلى العمة والخال.

(ولا نفقَةَ) تجب (مع الاختلافِ دِيْناً إلا للزوجة والأصول) الأبوين، والأجداد، والجدَّات (والفروع) الولد وولد الولد. أما الزوجة فلأن نفقتَهَا لاحتِبَاسها بحقٍ مقصودٍ بعقدِ النِّكَاح، وذلك يَعتَمِدُ صحةَ العقدِ دونَ اتحاد المِلة. وأما الأصول والفروع فلأن نفقتهم باعتبار الجُزئية، وجُزءُ المرء في معنى نفسه، وكما لا يُمنع نفقَةَ نفسِهِ بكفره، لا يُمنع نفقَةَ جزئِه إلا أنهم إذا كانوا حَربِيّين لا تجب نفقتهم على المسلم وإن كانوا مستأمَنين، لأنا نُهينا عن بِرِّهم، لقوله تعالى: {إنَّما يَنْهَاكُم اعن الذين قَاتَلُوكُم في الدِّيْن} (٣) الآية.


(١) سورة النساء، الآية: (٩).
(٢) عبارة المخطوط: "وشرط الصغير والفقير … ".
(٣) سورة الممتحنة، الآية: (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>