للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هي ثلاثٌ: فحَلِفُه على فِعْلٍ أو تَرْكٍ ماضٍ، كاذبًا عمدًا، غَمُوسٌ، يأثمُ به. وظانًّا أنه حقٌّ، وهو ضِدُّه لغوٌ، يُرجى عَفْوُه

===

(هي) أي اليمين التي اعتبرها الشارع ورتب عليها الأحكام (ثلاثَ:) وإلا فمطلق اليمين أكثر من الثلاث، كاليمين على الفعل الماضي صادقاً. والمراد بترتب الأحكام عليها ترتُّبَ المُؤاخذة على الغَمُوس، وعدَمَها على اللغو، والكفارة على المُنعقدة.

(فَحَلِفُه) مبتدأ (على فِعْلٍ) أراد به المصدر أعم من أن يكون قائماً بالعقلاء أو بغيرهم، نحو: واللَّهِ لقد هَبَّتِ الريح (أو تَرْكٍ) أي عدمِ فعلٍ (ماضٍ). وفي «الإيضاح» و «التحفة»: أن اليمين الغَمُوس يكون على الحال أيضاً، نحو: والله ما لهذا عليَّ دينٌ، وهو يعلمُ خلافَه. والتحقيق أنه داخلٌ في ماضٍ حكماً.

(كاذباً عمداً) حالان من الضمير في حَلِفِه (غَمُوسٌ) خبر المبتدأ. وسميت هذه اليمين غموساً لانغِماس صاحبها في الإثم، ثم في النار (يأثم به) أي بهذا الحلف، لما روى البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الكَبَائرُ: الإشراك بالله، وعقوقُ الوالدينِ، وقتلُ النَّفْس، واليمينُ الغَمُوس». وروى ابن حِبَّان في «صحيحه» من حديث أبي أُمَامَة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من حَلَفَ على يمينٍ هو فيها فَاجرٌ ليقتَطِعَ بها مال امرءٍ مسلمٍ حَرَّم الله عليه الجنة، وأدخله الله النار».

ورواه الشيخان من حديث ابن مسعود بلفظ: «لقي اللَّهَ وهو عليه غضبان». وروى أبو داود من حديث عِمران بن حُصَيْن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من حَلَف على يمينٍ مَصْبُورةٍ كاذباً فليتبوأ بوجهه مقعده من النار». والمَصْبُورة: اللازم من جهة الحكم، ذكره الخطَّابي. وفي «الصحاح»: تبوأت منزلاً، أي نَزَلْت. وأما ما في «الهداية» من قوله عليه الصلاة والسلام: «من حَلَفَ كاذباً أدخَلَه الله النارِ» فغيرٌ معروفٍ.

(وظانّاً) عطفٌ على كاذباً، أي حَلِفُه على فِعْلٍ أو تَرْكِ ماضٍ حالَ كونِه ظاناً (أنه حقٌ، وهو ضِدُّه) أي غير حقٍ (لغوٌ) رُوِي هذا عن ابن عباس وعن زُرَارة بن أبي أوْفَى. وفي «المعرفة» للبيهقي: نحوه عن عائشة قالت: هو حَلِفُ الرجل على علمه، ثم لا يجده على ذلك. وفي «مصنف عبد الرزاق» نحوه عن مجاهد قال: هو أنَّ الرجل يَحلِفُ على الشيء يرى أنه كذلك، وليس كذلك. وهو أيضاً قول مالك. (يُرجى عفوه) كذا قال محمد، وعبارته: فهذه يمينٌ نَرجُو أن لا يُؤاخِذَ الله بها صاحبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>