شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب -رحمه اللَّه تعالى رحمة واسعة- كيف لا يكون كذلك وشيخه ابن فيروز ألدُّ أعداء الدعوة، وحامل لواء الطعن فيها.
ومن ثمراته في ذلك: المؤلف -عفا اللَّه عنهما- فقد تأثر بشيخه، حتى كان غيضه على الدعوة وأهلها ليفيض في عبارته التي جاءت في ثنايا مؤلَّفه هذا، فشانه بها، حيث قال في كتاب الصلاة (ص ٢٠٧) عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: (طاغية العارض) وقد رددت عليه هناك، فأغنى عن إعادته.
وهذا يدل على خلل في العقيدة عنده، لأن المعارضة للشيخ محمد بن عبد الوهاب إنما هي معارضة لما وضحه وقرره من عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة، فالطعن فيه دلالة على سوء عقيدة الطاعن.
وهذا منهج للسلف -رضي اللَّه عنهم- يعرفون سوء عقيدة المرء بطعنه في علماء السنة وقدحه فيهم.
أخرج اللالكائي في "السنة"(١) عن أحمد بن عبد اللَّه بن يونس أنه قال:
امتحن أهل الموصل بمعافى بن عمران، فإن أحبوه فهم أهل السنة، وإن أبغضوه فهم أهل بدعة، كما يمتحن أهل الكوفة بيحيى.
وعن قتيبة أنه قال: إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث مثل يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه -وذكر قومًا آخرين- فإنه على السنة. ومن خالف هؤلاء فاعلم أنه مبتدع.
قلت: محمد بن عبدالوهاب في زمنه كأحمد بن حنبل في زمنه.
ومما يكشف عقيدة المؤلف أنه ذكر في الكتاب (ص ٢٠٥، ٢٠٦) عبد القادر الجيلاني، فقال: شيخنا. ويعني بذلك أنه على الطريقة الصوفية المنسوبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني -رحمه اللَّه تعالى- وهي مشتملة على
(١) المسمى: "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (١/ ٦٦، ٦٧).