للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[فصل في الهبة]

وأصلها: من هبوب الريح أي مروره (١)، والاتهاب: قبول الهبة، والاستيهاب: سؤالها. وتواهبوا: وهب بعضهم لبعض (٢)، وهي شرعًا: تمليك جائز التصرف مالًا معلومًا أو مجهولًا تعذر علمه موجودًا مقدورًا على تسليمه غير واجب في الحياة بلا عوض، بما يعد هبة عرفًا من قول أو فعل بالمعاطاة (٣). والهبة والصدقة والهدية والعطية معانيها متقاربة، وكلها تمليك في الحياة بلا عوض.

(والهبة مستحبة) فمن قصد بإعطاء لغيره ثواب الآخرة فقط، فصدقة. وإكرامًا وتوددًا فهدية، وإلا يقصد شيئًا فهبة وعطية ونحلة، وجميع ذلك مندوب إليه ومحثوث عليه، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تهادوا تحابوا" (٤)، وما ورد في فضل الصدقة أشهر من أن يذكر.

ومن أهدى ليهدى له أكثر فلا بأس به لغير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لقوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} (٥) ولما فيه من الحرص والضِّنَة (٦)، ووعاء هدية كهي مع عرف كقوصرّة (٧) التمر ونحوها، فإن لم يكن عرف رده.


(١) ينظر: "تاج العروس" (٤/ ٣٧٢).
(٢) "المطلع" (ص ٢٩١).
(٣) انظر: "منتهى الإرادات" (٣/ ٣٨٩، ٣٩٠) و"طلبة الطلبة" (ص ٢٣٢).
(٤) البخاري "الأدب المفرد" باب قبول الهدية (٢/ ٥٠) قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٣/ ٧٠): إسناده حسن. اهـ
(٥) سورة المدثر، الآية: ٦. قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: لا تعط العطية تلتمس أكثر منها. ينظر: "تفسير ابن كثير" (٨/ ٢٦٤).
(٦) في الأصل: والظنة. والصواب ما أثبته.: الضنين: البجل. قاله في "القاموس" (ص ١٥٦٤) وفي "شرح المنتهى" (٢/ ٥١٨): والمنة: بدل: الضنة.
(٧) القَوْصَرَّة بتشديد الراء، هي: التي يكنز فيها التمر من البوادي -وهي الحُصُر المنسوجة =