للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ في آدَابِ القَاضِي

وهي أخلاقه التي ينبغي أن يتخلق يها، (وسُنَّ كَوْنُهُ) أي القاضي (قويًّا بلا عُنْفٍ) لئلا يطمع فيه الظالم، (لَيِّنًا بلا ضَعْفٍ) لئلا يهابه المحق، (حَلِيمًا) لئلا يغضب من كلام الخصم فيمنعه الحكم، (مُتَأَنِّيًا) من التأني وهو ضد العجلة لئلا تُؤَدِّي عجلته إلى ما لا ينبغي، (فَطِنًا) لئلا يخدع من بعض الخصوم لِغِرَّةٍ، قال في "الشرح" (١): "عالما بلغات أهل ولايته".

(عَفِيْفًا) أي كافًا نفسه عن الحرام لئلا يطمع في ميله بإطماعه، بصيرًا بأحكام الحكام قبله لقول علي: "لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضيًا حتى تكمل فيه خمس خصال: عفيف، حليم، عالم بما كان قبله، يستشير ذوي الألباب، لا يخاف في اللَّه لومة لائم" (٢)، وليسهل عليه الحكم ويتضح له طريقه.


(١) ٢٨/ ٣٢٩.
(٢) لم أقف عليه مسندًا عن علي -رضي اللَّه عنه-.
وأخرج البيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ١١٠ من طريق محمد بن يوسف قال ذكر سفيان عن يحيى بن سعيد قال: سأل عمر بن عبد العزيز عن قاضي الكوفة، وقال: القاضي لا ينبغي أن يكون قاضيًا حتى يكون فيه خمس خصال فذكرها، إلا أنه قال في الأخيرة (لا يبالي بملامة الناس). وأخرج عبد الرزاق في مصنفه ٨/ ٢٩٨ برقم (١٥٢٨٧)، وكذا البيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ١١٧ من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن عامر، عن عمر بن عبد العزيز نحوه، وزاد: (فإن أخطأته واحدة كانت فيه وصمة، وإن أخطأته اثنتان كانت فيه وصمتان).