للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل في صلاة الجمعة]

(تلزم صلاة الجمعة) بتثليث الميم (١) -ذكره الكرماني- (٢) سميت بذلك لجمعها لجماعات، أو لجمع طين آدم فيها، وقيل غير ذلك (٣)، والأصل في مشروعيتها قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٤) الآية، والسنة بها شهيرة، وهي أفضل من الظهر بلا نزاع، قاله في "الإنصاف" (٥)، وهي مستقلة، ليست بدلًا عن الظهر،


(١) الجمعة، مثلثة الميم، كما حكاه ابن سيده في "المخصص" (٩/ ٤٢) والأفصح الضم.
(٢) في "شرحه للبخاري" (٦/ ٢). والكرماني هو الشيخ: شمس الدين محمد بن يوسف بن علي الكرماني الشافعي. ولد في ١٦/ ٥/ ٧١٧ هـ، ألف "شرح البخاري" في مدينة الطائف، وأكمله في بغداد. توفي وهو راجع من مكة بروض مُهنَّا في ١٦/ ١/ ٧٨٦ هـ، "شذرات الذهب" (٨/ ٥٠٥، ٥٠٦).
(٣) قال الحافظ في "الفتح" (٢/ ٣٥٣): واختلف في تسمية اليوم في ذلك، مع الاتفاق على أنه كان يسمى في الجاهلية العروبة. فقيل: لأن كمال الخلائق جمع فيه. ذكره أبو حذيفة عن ابن عباس، وإسناده ضعيف.
وقيل: لأن خلق آدم جمع فيه. ورد ذلك من حديث سلمان، أخرجه أحمد وابن خزيمة وغيرهما، وله شاهد عن أبي هريرة. ذكره ابن أبي حاتم، موقوفًا بإسناد قوي، وأحمد مرفوعًا بإسناد ضعيف. وهذا أصح الأقوال.
ويليه ما أخرجه عبد بن حميد عن ابن سيرين بسند صحيح في قصة تجمع الأنصار مع أسعد بن زرارة، وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة، فصلى بهم، وذكرهم، فسموه الجمعة حين اجتمعوا إليه. ذكره ابن أبي حاتم موقوفًا.
وقيل: لأن كعب بن لؤي كان يجمع قومه فيه فيذكرهم، ويأمرهم بتعظيم الحرم، ويخبرهم بأنه سيبعث منه نبي.
وقيل: سمي بذلك لاجتماع الناس فيه للصلاة، وبهذا جزم ابن حزم. اهـ.
(٤) سورة الجمعة، الآية: ٩.
(٥) "الإنصاف" (٥/ ١٥٨).