للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل في كتاب القاضي إلى القاضي]

وأجمعوا على جواز المكاتبة لقوله تعالى حكاية عن بلقيس (١): {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ. .} (٢)، ولأنه عليه السلام كتب إلى النجاشي وغيره وكاتب ولاته وعماله وسعاته.

(ويقبل كتاب قاض إلى قاض) آخر بالإجماع (في كل حق آدمي) كبيع وقرض وغصب وإجارة وصلح ووصية بمال وهبة وجناية توجب مالا (٣)؛ لأنه في معنى الشهادة على الشهادة حتى ما لا يقبل فيه إلا رجلان كقود وطلاق ونحوهما، ولا يقبل في حد للَّه تعالى كحد زنا وشرب مسكر؛ لأنها مبنية على الستر والدرء بالشبهة، ولهذا لا تقبل بالشهادة على الشهادة؛ لأنه في معناها، ولهذا ذكر الأصحاب أن كتاب القاضي إلى القاضي حكمه كالشهادة على الشهادة (٤)؛ لأنها شهادة القاضي على شهادة من


(١) هي: بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن الريان، ملكة سبأ، عاشت في زمن نبي اللَّه سليمان ابن داود -عليهما السلام-، وقيل: كانت بأرض يقال لها: مأرب على ثلاثة أميال من صنعاء، لما أسلمت أسلم معها أصحاب الشورى.
ينظر: تاريخ الأمم والملوك للطبري ١٥/ ٢٨٩، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/ ٣٤٨.
(٢) سورة النمل من الآيتين (٢٩ - ٣٠).
(٣) الإجماع ص ٧٥، والإفصاح ٢/ ٣٤٨.
(٤) ينظر: كتاب الفروع ٦/ ٤٩٨، والمبدع ١٠/ ١٠٤، والإنصاف ٢٩/ ١١، وغاية المنتهى ٣/ ٤٤١.