للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل في تعليقه بالكلام والإذن ونحو ذلك]

(و) إذا قال لامرأته: (إن كلمتك فأنت طالق فتحققي أو تنحي ونحوه) كاسكتي اتصل ذلك بيمينه أو لا فإنها (تطلق)، وكذا لو سمعها تذكره بسوء فقال: الكاذب عليه لعنة اللَّه حنث نصا (١) لأنه كلمها.

(وإن) قال لها: إن (بدأتك بالكلام فأنت طالق فقالت) له: (إن بدأتك به) أي بالكلام (فعبدي حر انحلت يمينه) لأنها كلمت أولا فلم يكن كلامه لها يعد ابتداء (وتبقى يمينها)، فإن بدأته بكلام حنثت لوجود الصفة، وإن بدأها بكلام انحلت يمينها لما سبق.

وإن علق طلاقها بكلامها لزيد فكلمته فلم يسمع لغفلة أو شغل، أو كلمته وهو مجنون أو سكران أو أصم يسمع لولا المانع، أو كاتبته أو راسلته ولم ينو مشافهتها له بالكلام حنث؛ لأن ذلك كلام، لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} (٢)، ولأن ظاهر اليمين هجرانها لزيد ولا يحصل مع مواصلته بالكتاب والمراسلة، وإن أرسلت إنسانا يسأل أهل العلم عن مسألة أو حديث فجاء الرسول فسئل المحلوف عليه لم يحنث؛ لأنها لم تقصده بإرسال الرسول، ولا يحنث إن كلمته ميتا أو غائبا أو مغمى عليه أو نائما؛ لأن التكليم فعل يتعدى إلى المكلم فلا يكون إلا في حال يمكنه الاستماع فيها.


(١) المغني ١٠/ ٤٦٢، والشرح الكبير ٢٢/ ٥٣٤، والإقناع ٤/ ٤١، وشرح منتهى الإرادات ٣/ ١٦٨.
(٢) سورة الشورى من الآية (٥١).