للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ) في الشَّهادةِ على الشهادةِ والرجوع عنها وأدائها

قال أبو عبيد: "أجمعت العلماء من أهل الحجاز والعراق على إمضاء الشَّهَادة على الشهادة في الأموال". (١) ولدعاء الحاجة إليها؛ لأنها وثيقة مستدامة لحفظ الأموال، لما قد يطرأ على الشاهد من اخترام المنيّة والعجز عن الشهادة لعدم الوثيقة على أن من الحقوق ما يحتاج فيه إلى التأبيد كالوقوف، والشاهد لا يعيش أبدًا، (وتُقْبَلُ الشَّهادةُ على الشَّهادةِ في كُلِّ ما يُقْبَلُ فيهِ كتابُ القَاضِيْ إلى الْقَاضِيْ)، وهو حق الآدمي دون حق اللَّه تعالى؛ لأن الحدود مبنية على الستر، والدرء بالشبهة، والشهادة على الشهادة فيها شبهة لتطرق احتمال الغلط والسهو وكذب شهود الفرع فيها مع احتمال ذلك في شهود الأصل، وهذا احتمال زائد لا يوجد في شهود الأصل، ولهذا لا تقبل مع القدرة على شهود الأصل.

(وشُرِطَ) في قبول الشهادة على الشهادة (تَعَذُّرُ شُهُودِ أصلٍ بموتٍ أو مَرَضٍ أو غِيْبَةٍ مَسافةَ قَصْرٍ أو خَوْفٍ من سلطانٍ أو غيرهِ)؛ لأن شهادة الأصل تثبت نفس الحق وشهادة الفرع إنما تثبت الشهادة عليه، ولاستغناء الحاكم بسماع الأصل عن تعديل الفرع، وسماعه من الأصل معلوم، وصدق شاهد الفرع عليه مظنون، ولا يعدل


(١) ينظر: المغني ١٤/ ١٩٩.