للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تتمة]

يصح الصلح عما ليس بمال مع إقرار ومع إنكار، كعن قَوَدٍ في نفس ودونها، وعن سكنى دار ونحوها، وعن عيب في عوض أو معوض، وإن لم يجز بيع ذلك؛ لأنه لقطع الخصومة، فيصح عن قود بفوق دية ولو بلغ ديات؛ لما روي أن الحسن والحسين وسعيد بن العاص بذلوا للذي وجب له القصاص على هدبة بن خشرم سبع ديات، فأبى أن يقبلها، ولأن المال غير متعين، فلم يقع العوض في مقابلته.

ويحرم أن يجري شخص في أرض غيره أو في سطحه ماء، ولو تضرر بتركه، بلا إذنه، ويصح صلحه عن ذلك بعوض، ويعتبر لصحة ذلك علم قدر الماء الذي يجريه، لاختلاف ضرره بكثرته وقلته بساقية، وعلم قدر ماء مطر برؤية ما يزول عنه من سطح أو أرض أو بمساحته، وتقدير ما يجري فيه الماء، ولا يعتبر علم قدر عمقه، لأنه إذا ملك عين الأرض أو نفعها كان له إلى التخوم (١) فله النزول فيه ما شاء. وفي "الإقناع" (٢) يعتبر إن وقع إجارة. ولا يعتبر علم مدة الإجراء للحاجة، وإن صالحه على سقي أرضه من نهره أو من عينه أو بئره العين مدة، ولو كانت معينة، لم يصح الصلح لعدم ملك الماء، وإن صالحه على ثلث النهر أو العين ونحوه صح، والماء تبع للقرار.

ويصح شراء مَمَرٍّ في دار ونحوها من مالك، وشراء موضع بحائط يفتح بابًا، وشراء بقعة تحفر بئرًا، وعلو بيت ولو لم يبن، إذا وَصَفَ (٣)، ليبني عليه، أو ليضع عليه بنيانًا، أو خشبًا موصوفين، وإذا زال ما على العلو فله إعادته، وله الصلح على عدمها، كما له الصلح على زواله، وله فعل ما تقدم من المر وفتح الباب وحفر البقعة بئرًا ووضع البناء والخشب على علو غيره صلحًا أبدًا، أو إجارة مدة معينة، وإذا مضت بقي. ولمالك العلو أجرة المثل، ولا يطالب بإزالة بنائه وخشبه، لأنه العرف فيه.


(١) التخوم جمع تخم وهو حدُّ الأرض. "المصباح المنير" (١/ ١٠٠).
(٢) (٢/ ٣٧٣) وعبارته: وإن كان إجارة، اشترط ذكر العمق. اهـ
(٣) أي وصف البيت ليعلم. "شرح المنتهى" (٢/ ٢٦٧).