للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (١) وألحق بذلك باقي الكفارات حملا للمطلق على المقيد، كما حمل قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (٢) على قوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٣) بجامع أن الاعتاق يتضمن تفريغ العتيق المسلم لعبادة ربه، وتكميل أحكامه، ومعونة المسلمين، فناسب ذلك شرع إعتاقه في الكفارة تحصيلا لهذه المصالح، (و) وشرط فيها (سلامة من عيب مضر بالعمل ضررا بينا)؛ لأن المقصود تمليك القن نفعه وتمكينه من التصرف لنفسه، وهذا غير حاصل مع ما يضر بالعمل كعمى؛ لأن الأعمى لا يمكنه العمل في أكثر الصنائع، وكشلل يد أو رجل، أو قطع إحداهما؛ لأن اليد آلة البطش، والرجل آلة المشي فلا يتهيأ له كثير من العمل مع تلف إحداهما أو شلله، أو قطع أصبع سبابة أو وسطى أو إبهام من يد أو رجل، أو خنصر وبنصر معا من يد واحدة لزوال نفع يده بذلك، وقطع أنملة من إبهام أو قطع أنملتين من غيره كقطع الأصبع كله لذهاب منفعة الأصبع بذلك، ويجزئ من قطعت بنصره من إحدى يديه وخنصره من الأخرى، ويجزئ من جدع أنفه وإذنه أو يخنق أحيانا؛ لأنه لا يضر بالعمل، أو علق عتقه بصفة لم توجد؛ لأن ذلك لا أثر له، بخلاف من علق عتقه بصفة فنواه عند وجودها فلا يجزئ؛ لأن سبب عتقه انعقد عند وجود الصفة فلا يملك صرفه إلى غيره، وكذا لو قال: إن اشتريتك أو ملكتك فأنت حر فلا يجزئه، بخلاف ما لو قال: إن اشتريتك فأنت حر للكفارة ثم


(١) سورة النساء من الآية (٩٢).
(٢) سورة البقرة من الآية (٢٨٢).
(٣) سورة الطلاق من الآية (٢).