للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دفع كفارته إلى من تلزمه مؤنته لاستغنائه بما وجب له من النفقة، ولأنها للَّه فلا يصرفها لنفعه، ولا يجزئ ترديدها على مسكين واحد ستين يوما إلا أن لا يجد مسكينا غيره فتجزئه لتعذر غيره، ولو قدم إلى ستين مسكينا ستين مدا مما يجزئ وقال: هذا بينكم فقبلوه، فإن قال بالسوية أجزأه ذلك، وإلا فلا يجزئه ما لم يعلم أن كلا أخذ قدر حقه فيجزئه، لحصول العلم بالإطعام الواجب.

(ولا يجزئ التكفير إلا بما يجزئ فطرة) ولو كان ذلك قوت بلده؛ لأن الكفارة وقعت طهرة للمكفر عنه كما أن الفطرة تطهير للصائم فاستويا في الحكم، (و) الذي (يجزئ من البر مد) بمده -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتقدم معرفة قدره (لكل مسكين، و) يجزئ (من غيره) أي البر وهو التمر والشعير والزبيب والأقط (مدان) نصف صاع، وسن إخراج إدام مع مجزئ نصا (١)، وإخراج الحب أفضل عند الإمام أحمد من إخراج الدقيق والسويق (٢)، ويجزئان بوزن الحب، وإن أخرجهما بالكيل زاد على كيل الحب قدرا يكون بقدره وزنا؛ لأن الحب إذا طحن توزع، ولا يجزئ خبز لخروجه عن الكيل والادخار أشبه الهريسة، ولا يجزئ في الكفارة أن يغدي المساكين أو يعشيهم؛ لأن المنقول عن الصحابة إعطاؤهم، وقال عليه السلام لكعب في فدية الأذى: "أطعم ثلاثة آصع من تمر ستة مساكين" (٣)، ولأنه مال وجب تمليكه للفقراء شرعا أشبه الزكاة، بخلاف نذر


(١) كتاب الفروع ٥/ ٥٠٥، والمبدع ٨/ ٦٨، والتنقيح ص ٢٤٩، والروض المربع ٢/ ٣١٣.
(٢) ينظر: المغني ١١/ ٩٩، والشرح الكبير ٢٣/ ٣٥٢، وكشاف القناع ٥/ ٣٨٧.
(٣) من حديث كعب بن عجرة -رضي اللَّه عنه-: أخرجه مسلم، باب جواز حلق الرأس للمحرم، كتاب الحج برقم (١٢٠١) صحيح مسلم ٢/ ٨٥٩، ٨٦١، وأبو داود، باب في الفدية، كتاب المناسك برقم (١٨٥٦) سنن أبي داود ٢/ ١٧٢.